للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَذْكُورًا فِي نَسَقِ الْخِطَابِ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ دُونَ التَّعْرِيضِ وَبِالْإِفْصَاحِ دُونَ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يكون مراده بالكناية المذكورة بقوله سِرًّا هو والذي قَدْ أَفْصَحَ بِهِ فِي الْمُخَاطَبَةِ وَكَذَلِكَ تَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى الزِّنَا فِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ الْمُوَاعَدَةَ بِالزِّنَا مَحْظُورَةٌ فِي الْعِدَّةِ وَغَيْرِهَا إذْ كَانَ تَحْرِيمُ اللَّهِ الزِّنَا تَحْرِيمًا مُبْهَمًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِشَرْطٍ وَلَا مَخْصُوصٍ بِوَقْتٍ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ فَائِدَةِ تَخْصِيصِهِ حَظْرَ الْمُوَاعَدَةِ بِالزِّنَا بِكَوْنِهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ مُرَادًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ بَعْدَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهُ تَأْوِيلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وقَوْله تَعَالَى عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ بِالتَّزْوِيجِ لِرَغْبَتِكُمْ فِيهِنَّ وَلِخَوْفِكُمْ أَنْ يَسْبِقَكُمْ إلَيْهِنَّ غَيْرُكُمْ وَأَبَاحَ لَهُمْ التَّوَصُّلَ إلَى الْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ بِالتَّعْرِيضِ دُونَ الْإِفْصَاحِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا اعْتَبَرَهُ أَصْحَابُنَا فِي جَوَازِ التَّوَصُّلِ إلَى اسْتِبَاحَةِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُبَاحَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةً مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ وَنَحْوُهُ مَا

رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَتَاهُ بِلَالٌ بِتَمْرٍ جَيِّدٍ فَقَالَ أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا فَقَالَ لَا إنَّمَا نَأْخُذُ الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَفْعَلُوا وَلَكِنْ بِيعُوا تَمْرَكُمْ بِعَرَضٍ ثُمَّ اشْتَرُوا بِهِ هَذَا التَّمْرَ فَأَرْشَدَهُمْ إلَى التَّوَصُّلِ إلَى أَخْذِ التَّمْرِ الْجَيِّدِ

وَلِهَذَا الْبَابِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وقَوْله تَعَالَى عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ وَأَبَاحَ لَهُمْ الْأَكْلَ وَالْجِمَاعَ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُبِحْ لَهُمْ لَكَانَ فِيهِمْ مَنْ يُوَاقِعُ الْمَحْظُورَ عَنْهُ فَخَفَّفَ عَنْهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ بِهِمْ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ هُوَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ قِيلَ فِيهِ إنَّ أَصْلَ الْعُقْدَةِ فِي اللُّغَةِ هُوَ الشَّدُّ تَقُولُ عَقَدَتْ الْحَبْلَ وَعَقَدْت الْعَقْدَ تَشْبِيهًا لَهُ بِعَقْدِ الْحَبْلِ فِي التَّوَثُّقِ وقَوْله تعالى وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ مَعْنَاهُ وَلَا تَعْقِدُوهُ وَلَا تَعْزِمُوا عَلَيْهِ أَنْ تَعْقِدُوهُ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ لَا تَعْزِمُوا بِالضَّمِيرِ عَلَى إيقَاعِ الْعَقْدِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ أَبَاحَ إضْمَارَ عَقْدٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِقَوْلِهِ وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ وَالْإِكْنَانُ فِي النَّفْسِ هُوَ الْإِضْمَارُ فِيهَا فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ إنَّمَا تَضَمَّنَ النَّهْيَ عَنْ إيقَاعِ الْعَقْدِ فِي الْعِدَّةِ وَعَنْ الْعَزِيمَةِ عَلَيْهِ فِيهَا وقَوْله تَعَالَى حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ يَعْنِي بِهِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ وَذَلِكَ فِي مَفْهُومِ الْخِطَابِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى بَيَانٍ أَلَا تَرَى

أَنَّ فُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكٍ حِينَ سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَابَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>