للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ قَالَ لَا حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ فَعَقَلَتْ مِنْ مَفْهُومِ خِطَابِهِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ

وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانٍ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي حُكْمِ مِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا مِنْ غَيْرِهِ

فَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ فِي عِدَّتِهَا فَأَرْسَلَ إلَيْهِمَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَعَاقَبَهُمَا وَقَالَ لَا يَنْكِحُهَا أَبَدًا وَجَعَلَ الصَّدَاقَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَفَشَا ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ فَبَلَغَ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا بَالُ الصَّدَاقِ وَبَيْتِ الْمَالِ إنَّهُمَا جَهِلَا فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَرُدَّهُمَا إلَى السُّنَّةِ قِيلَ فَمَا تَقُولُ أَنْتَ فِيهَا قَالَ لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا جَلْدَ عَلَيْهِمَا وَتُكْمِلُ عِدَّتَهَا مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ تُكْمِلُ الْعِدَّةَ مِنْ الْآخَرِ ثُمَّ يَكُونُ خَاطِبَا فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ رُدُّوا الْجَهَالَاتِ إلَى السُّنَّةِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَشْعَثَ مِثْلَهُ وَقَالَ فِيهِ فَرَجَعَ عُمَرُ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اتَّفَقَ عَلِيٌّ وَعُمَرُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ الْأَوَّلِ تُزَوَّجَهَا الْآخَرُ إنْ شَاءَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَلَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا خِلَافَ بَيْنَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ رَجُلًا لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَالزِّنَا أَعْظَمُ مِنْ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ فَإِذَا كَانَ الزِّنَا لَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا فَالْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ أَحْرَى أَنْ لَا يُحَرِّمَهَا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ أَوْ جَمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَدَخَلَ بِهِمَا لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا فَكَذَلِكَ الْوَطْءُ عَنْ عَقْدٍ كَانَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَخْلُو من أن يكون وطأ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنَا وَأَيُّهُمَا كَانَ فَالتَّحْرِيمُ غَيْرُ وَاقِعٍ بِهِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ يُوجِبُ الزِّنَا وَالْوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا عِنْدَكُمْ كَاَلَّذِي يَطَأُ أُمَّ امْرَأَتِهِ أَوْ ابْنَتَهَا فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا قِيلَ لَهُ لَيْسَ هَذَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ بِسَبِيلٍ لِأَنَّ كَلَامَنَا إنَّمَا هُوَ فِي وَطْءٍ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْمَوْطُوءَةِ نَفْسِهَا فَأَمَّا وَطْءٌ يُوجِبُ تَحْرِيمَ غَيْرِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ حُكْمُ كُلِّ وطء عندنا زنا كان أو وطء بِشُبْهَةٍ أَوْ مُبَاحًا وَأَنْتَ لَمْ تَجِدْ فِي الأصول وطأ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْمَوْطُوءَةِ فَكَانَ قَوْلُك خَارِجًا عَنْ الْأُصُولِ وَعَنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ أَيْضًا لِأَنَّ عُمَرَ قَدْ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَهْرَ فِي بَيْتِ الْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>