للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِبَةِ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقَسَّمُ لِإِبَاحَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهَا تَمْلِيكَ نِصْفِ الْفَرِيضَةِ إيَّاهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا كَانَ مِنْهَا عَيْنًا أَوْ دَيْنًا وَلَا بَيْنَ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا يَحْتَمِلُهَا فَوَجَبَ بِقَضِيَّةِ الْآيَةِ جَوَازُ هِبَةِ الْمُشَاعِ فَيُقَالُ لَهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنَنْت لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى فِي الْعَفْوِ أَنْ تَقُولَ قَدْ عَفَوْتُ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ قَدْ عَفَوْت لَك عَنْ دَارِي هَذِهِ أَوْ قَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ دَارِي هَذِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَمْلِيكًا وَلَا يَصِحُّ بِهِ عَقْدُ هِبَةٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ مِنْ الْعَفْوِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِجَوَازِ عُقُودِ التَّمْلِيكَاتِ بِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ تَمْلِيكُهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَجُوزُ عَلَيْهِ عُقُودُ الْهِبَاتِ وَالتَّمْلِيكَاتِ إذْ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي بِهِ يَصِحُّ التَّمْلِيكُ غَيْرَ مَذْكُورٍ فَصَارَ حُكْمُهُ مَوْقُوفًا عَلَى الدَّلَالَةِ فَمَا جَازَ فِي الْأُصُولِ جَازَ فِي ذَلِكَ وَمَا لَمْ يَجُزْ فِي الْأُصُولِ مِنْ عُقُودِ الْهِبَاتِ لَمْ يَجُزْ فِي هَذَا وَمَعَ هَذَا فَإِنْ كَانَ هَذَا السَّائِلُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيزَ الْهِبَةَ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمَهْرِ الْمَقْبُوضِ وَغَيْرِ الْمَقْبُوضِ فَإِذَا عَفَتْ وَقَدْ قَبَضَتْ فَوَاجِبٌ أَنْ يَجُوزَ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمِهِ إلَى الزَّوْجِ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَكَانَ محمولا على شروط الهبات كَذَلِكَ فِي الْمُشَاعِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَاحْتَجَّ بِهِ فِي جَوَازِهَا فِي الْمُشَاعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ الْكَلَامُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وأما قوله تعالى أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ فَإِنَّ السَّلَفَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ عَلِيٌّ وَجُبَيْرِ بْنُ مُطْعِمٍ وَنَافِعُ بْن جُبَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدُ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنِ كَعْبٍ وَقَتَادَةُ وَنَافِعٌ هُوَ الزَّوْجُ وَكَذَلِكَ قَالَ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر والثوري وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ قَالُوا عَفْوُهُ أَنْ يُتِمَّ لَهَا كَمَالَ الْمَهْرِ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ قَالُوا وقَوْله تَعَالَى إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ هُوَ الزَّوْجُ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عكرمة عن ابن عَبَّاسٍ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ بِالْعَفْوِ وَأَمَرَ بِهِ وإن عفت فكما عفت وإن ضنت وعفى وَلِيُّهَا جَازَ وَإِنْ أَبَتْ وَقَالَ عَلْقَمَةُ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ هُوَ الْوَلِيُّ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَهِيَ بِكْرٌ جَازَ عَفْوُ أَبِيهَا عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ وقَوْله تَعَالَى إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ اللَّاتِي قَدْ دَخَلَ بِهِنَّ قَالَ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ إلَّا الْأَبَ وَحْدَهُ لَا وَصِيَّ وَلَا غَيْرَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ لِأَبِي الْبِكْرِ أَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِهَا عِنْدَ عُقْدَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>