للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكَاحِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَبَعْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَضَعَ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا عَفْوُهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ صَدَاقِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَجُوزُ لَهُ مُبَارَأَةُ زَوْجِهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا مِنْ أَبِيهَا لَهَا فَكَمَا لَمْ يَجُزْ لِلْأَبِ أَنْ يَضَعَ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا بَعْدَ النِّكَاحِ كَذَلِكَ لَا يَعْفُو عَنْ نِصْفِ صَدَاقِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مُبَارَأَتَهُ عَلَيْهَا جَائِزَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قوله تعالى أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ مُتَشَابِهٌ لَاحْتِمَالِهِ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ تَأَوَّلَهُمَا السَّلَفُ عَلَيْهِمَا فَوَجَبَ رَدُّهُ إلَى الْمُحْكَمِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً وَقَالَ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً وَقَالَ تَعَالَى وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَهَذِهِ الْآيَاتُ مُحْكَمَةٌ لَا احْتِمَالَ فِيهَا لِغَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي اقْتَضَتْهُ فَوَجَبَ رَدُّ الْآيَةِ الْمُتَشَابِهَةِ وهي قوله تعالى أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ إلَيْهَا

لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى النَّاسَ بِرَدِّ الْمُتَشَابِهِ إلَى الْمُحْكَمِ وَذَمِّ مُتَّبِعِي الْمُتَشَابِهِ مِنْ غَيْرِ حَمْلِهِ عَلَى مَعْنَى الْمُحْكَمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لِلْمَعَانِي وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأُصُولِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِلْأَبِ هِبَةُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا لِلزَّوْجِ وَلَا لِغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ الْمَهْرُ لِأَنَّهُ مَالُهَا وقوله مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْوَلِيِّ خَارِجٌ عَنْ الْأُصُولِ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَسْتَحِقُّ الْوِلَايَةَ عَلَى غَيْرِهِ في هبة مالها فَلَمَّا كَانَ قَوْلُ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ مُخَالِفًا لِلْأُصُولِ خَارِجًا عَنْهَا وَجَبَ حَمْلُ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى مُوَافَقَتِهَا إذْ لَيْسَ ذَلِكَ أَصْلًا بِنَفْسِهِ لَاحْتِمَالِهِ لِلْمَعَانِي وَمَا لَيْسَ بِأَصْلِ فِي نَفْسِهِ فَالْوَاجِبُ رَدُّهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأُصُولِ وَاعْتِبَارُهُ بِهَا وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ الْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا فِي حَيِّزِ الِاحْتِمَالِ وَوُجِدَ نَظَائِرُهُمَا فِي الْأُصُولِ لَكَانَ فِي مقتضى اللفظ ما يوجب أن يكون الزوج أَوْلَى بِظَاهِرِ اللَّفْظِ مِنْ الْوَلِيِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ قوله تعالى أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْوَلِيَّ بِحَالٍ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْعُقْدَةُ مَوْجُودَةً وَهِيَ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ فَأَمَّا عُقْدَةٌ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فَغَيْرُ جَائِزٍ إطْلَاقُ اللَّفْظِ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا فِي يَدِ أَحَدٍ فَلَمَّا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ عُقْدَةٌ مَوْجُودَةٌ فِي يَدِ الْوَلِيِّ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَا بَعْدَهُ وَقَدْ كَانَتْ الْعُقْدَةُ فِي يَدِ الزَّوْجِ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَقَدْ تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ بِحَالٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَمْلُهُ عَلَى الزَّوْجِ أَوْلَى مِنْهُ عَلَى الْوَلِيِّ فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا حكم

<<  <  ج: ص:  >  >>