للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا شَهَادَةُ مَنْ يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ يُطَيِّرُهَا وَقَدْ حُكِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَرَدَّ شَهَادَتَهُ قَالَ فَقُلْت لِابْنِ أَبِي لَيْلَى مَثَلُ فُلَانٍ وَحَالُهُ كَذَا وَحَالُ ابْنِهِ كَذَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ فَقَالَ أَيْنَ يَذْهَبُ بِك إنَّهُ فَقِيرٌ فَكَانَ عِنْدَهُ أَنَّ الْفَقْرَ يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ إذْ لَا يُؤْمَنُ بِهِ أَنْ يَحْمِلَهُ الْفَقْرُ عَلَى الرَّغْبَةِ فِي الْمَالِ وَإِقَامِ شَهَادَةٍ بِمَا لَا تَجُوزُ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السُّؤَالِ فِي الشَّيْءِ الْكَثِيرِ وَتَجُوزُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ إذَا كَانُوا عُدُولًا فَشَرَطَ مَالِكٌ مَعَ الْفَقْرِ الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يَقْبَلْهَا فِي الشَّيْءِ الْكَثِيرِ

لِلتُّهْمَةِ وَقَبِلَهَا فِي الْيَسِيرِ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ وَقَالَ الْمُزَنِيّ وَالرَّبِيعُ عَنْ الشَّافِعِيِّ إذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ قَبِلْت شَهَادَتَهُ وَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِهِ المعصية وعدم المروءة ردت شَهَادَتَهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ الشَّافِعِيِّ إذَا كَانَ أَكْثَرُ أَمْرِهِ الطَّاعَةَ وَلَمْ يُقْدِمْ عَلَى كَبِيرَةٍ فَهُوَ عَدْلٌ فَأَمَّا شَرْطُ الْمُرُوءَةِ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ التصاون والصمت والحسن وَحِفْظَ الْحُرْمَةِ وَتَجَنُّبَ السُّخْفِ وَالْمُجُونِ فَهُوَ مُصِيبٌ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ نَظَافَةَ الثَّوْبِ وَفَرَاهَةَ الْمَرْكُوبِ وَجَوْدَةَ الْآلَةِ وَالشَّارَةَ الْحَسَنَةَ فَقَدْ أَبْعَدَ وَقَالَ غَيْرَ الْحَقِّ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْسَتْ مِنْ شَرَائِطِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ أبو بكر جميع مَا قَدَّمْنَا مِنْ ذِكْرِ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الشَّهَادَةِ مَا حَكَيْنَا عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ بَنَى قَبُولَ أَمْرِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا غَلَبَ فِي اجْتِهَادِهِ وَاسْتَوْلَى عَلَى رَأْيِهِ أَنَّهُ مِمَّنْ يَرْضَى وَيُؤْتَمَنُ عَلَيْهَا وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ هَلْ يَسْأَلُ عَنْهُ الْحَاكِمُ إذَا شَهِدَ فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي كِتَابِهِ الَّذِي كَتَبَهُ إلى أبو موسى في القضاء والمسلمون عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ أَوْ ظِنِّينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَقَالَ مَنْصُورٌ قُلْت لِإِبْرَاهِيمَ وَمَا الْعَدْلُ فِي الْمُسْلِمِينَ قَالَ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالشَّعْبِيِّ مِثْلُهُ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا وَلِيَ الْحَسَنُ الْقَضَاءَ كَانَ يُجِيزُ شَهَادَةَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَصْمُ يَجْرَحُ الشَّاهِدَ وَذَكَرَ هُشَيْمٌ قَالَ سَمِعْت ابْنَ شُبْرُمَةَ يَقُولُ ثَلَاثٌ لَمْ يَعْمَلْ بِهِنَّ أَحَدٌ قَبْلِي وَلَنْ يَتْرُكْهُنَّ أَحَدٌ بَعْدِي الْمَسْأَلَةُ عَنْ الشُّهُودِ وَإِثْبَاتُ حُجَجِ الْخَصْمَيْنِ وَتَحْلِيَةُ الشُّهُودِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا أَسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ إلَّا أَنْ يَطْعَنَ فِيهِمْ الْخَصْمُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَإِنْ طَعَنَ فِيهِمْ سَأَلْت عَنْهُمْ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَزَكَّيْتهمْ فِي الْعَلَانِيَةِ إلَّا شُهُودَ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَإِنِّي أَسْأَلُ عَنْهُمْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>