للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّرِّ وَأُزَكِّيهِمْ فِي الْعَلَانِيَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُسْأَلُ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يُطْعَنْ فِيهِمْ وَرَوَى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ سَأَلَ فِي السِّرِّ أَنَا كَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي الْقَوْمَ إذَا قِيلَ لَهُ هَاتِ مَنْ يُزَكِّيَك فَيَقُولُ قَوْمِي يُزَكُّونَنِي فَيَسْتَحْيِ الْقَوْمُ فَيُزَكُّونَهُ فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ سَأَلْت فِي السِّرِّ فَإِذَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُ قُلْت هَاتِ مَنْ يُزَكِّيَك فِي الْعَلَانِيَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَيُزَكِّيهِمْ فِي الْعَلَانِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ فِيهِمْ الْخَصْمُ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يقضى بشهادة الشهود حتى يسئل عَنْهُمْ فِي السِّرِّ وَقَالَ اللَّيْثُ أَدْرَكْت النَّاسَ وَلَا تُلْتَمَسُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ تَزْكِيَةٌ وَإِنَّمَا كَانَ الْوَالِي يَقُولُ لِلْخَصْمِ إنْ كَانَ عِنْدَك مَنْ يَجْرَحُ شَهَادَتُهُمْ فَأْتِ بِهِ وَإِلَّا أَجَزْنَا شَهَادَتَهُ عَلَيْك وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُسْأَلُ عَنْهُمْ فِي السِّرِّ فَإِذَا عُدِّلَ سَأَلَ عَنْ تَعْدِيلِهِ عَلَانِيَةً لِيَعْلَمَ أَنَّ الْمُعَدَّلَ هُوَ هَذَا لَا يُوَافِقُ اسْمٌ اسْمًا وَلَا نَسَبٌ نَسَبًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ بِتَعْدِيلِ مَنْ ظَهَرَ إسْلَامُهُ فَإِنَّمَا بَنَى ذَلِكَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالُ النَّاسِ مِنْ ظُهُورِ الْعَدَالَةِ فِي الْعَامَّةِ وَقِلَّةِ الْفُسَّاقِ فِيهِمْ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَهِدَ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ لِلْقَرْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن سيما قال حدثنا عبد الله بن أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال خير الناس قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثلاث أو أربع ثم يجيء قوم سبق شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ

قَالَ وَكَانَ أَصْحَابُنَا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ وَنَحْنُ صِبْيَانٌ وَإِنَّمَا حَمَلَ السَّلَفُ وَمَنْ قَالَ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِمَّا وَصَفْنَا أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ فِي عَصْرِهِمْ عَلَى الْعَدَالَةِ وَجَوَازِ الشَّهَادَةِ لِظُهُورِ الْعَدَالَةِ فِيهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَاحِبُ رِيبَةٍ وَفِسْقٍ كَانَ يُظْهِرُ النَّكِيرَ عَلَيْهِ وَيَتَبَيَّنُ أَمْرَهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ كَانَ فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ الَّذِينَ شَهِدَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ فَتَكَلَّمَ عَلَى مَا كَانَتْ الْحَالُ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ أَحْوَالَ النَّاسِ بَعْدُ لَقَالَ بِقَوْلِ الْآخَرِينَ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ وَلَمَا حَكَمَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بِالْعَدَالَةِ إلَّا بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ الَّذِي شَهِدَ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَأَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ بِخَبَرِهِ

وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ عَدَالَتِهِ بَعْدَ ظُهُورِ إسْلَامِهِ لِمَا وَصَفْنَا فَثَبَتَ بِمَا وَصَفْنَا أَنَّ أَمْرَ التَّعْدِيلِ وَتَزْكِيَةَ الشُّهُودِ وَكَوْنَهُمْ مَرْضِيِّينَ مَبْنِيٌّ عَلَى اجْتِهَادِ الرَّأْيِ وَغَالِبِ الظَّنِّ لِاسْتِحَالَةِ إحَاطَةِ عُلُومِنَا بِغَيْبِ أُمُورِ النَّاسِ وَقَدْ حَذَّرَنَا اللَّهُ الِاغْتِرَارَ بِظَاهِرِ حَالِ الْإِنْسَانِ وَالرُّكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>