لَهُ فِي غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ وَقَالَ أَصْحَابُنَا كُلُّ شَهَادَةٍ رُدَّتْ لِلتُّهْمَةِ لَمْ تُقْبَلْ أَبَدًا مثل شهادة أحد الزوجين للآخر إذَا رُدَّتْ لِفِسْقِهِ ثُمَّ تَابَ وَأَصْلَحَ فَشَهِدَ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ أَبَدًا وَمِثْلَ شَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ إذَا رُدَّتْ ثُمَّ شَهِدَ بِهَا بَعْدَ زَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ لَمْ تُقْبَلْ أَبَدًا وَقَالُوا لَوْ شَهِدَ عَبْدٌ بِشَهَادَةٍ أَوْ كَافِرٌ أَوْ صَبِيٌّ فَرُدَّتْ ثُمَّ أُعْتِقَ الْعَبْدُ أَوْ أسلم الكافر أو كبر الصبى أو عتق العبد وشهد بِهَا لَمْ تُقْبَلْ أَبَدًا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ رُدَّتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَإِنَّمَا قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّهَا إذَا رُدَّتْ لِتُهْمَةٍ لَمْ تُقْبَلْ أَبَدًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ حَكَمَ بِإِبْطَالِهَا وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ إلَّا بِحُكْمٍ وَلَا يَصِحُّ فَسْخُهُ بِمَا لَا يَثْبُتُ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ الْحُكْمُ بِزَوَالِ التُّهْمَةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا رُدَّتْ الشَّهَادَةُ كَانَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِإِبْطَالِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ مَاضِيًا لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ أَبَدًا وَأَمَّا الرِّقُّ وَالْكُفْرُ وَالصِّغَرُ فَإِنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي رُدَّتْ مِنْ أَجْلِهَا وَحُكْمَ الْحَاكِمِ بِإِبْطَالِهَا مَحْكُومٌ بِزَوَالِهَا لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالْإِسْلَامَ وَالْبُلُوغَ كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ فَلَمَّا صَحَّ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِزَوَالِ الْمَعَانِي الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَجَبَ أَنْ تُقْبَلَ وَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِزَوَالِ التُّهْمَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى لَا تَقُومُ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَلَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ كان حكم الحاكم بإبطالها ماضيا إذا كَانَ مَا ثَبَتَ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ لَا يَنْفَسِخُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ فَهَذِهِ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنْ الْعَدَالَةِ وَنَفْيِ التُّهْمَةِ وَقِلَّةِ الْغَفْلَةِ هِيَ مِنْ شَرَائِطِ الشَّهَادَاتِ وَقَدْ انْتَظَمَهَا قَوْله تَعَالَى مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ فَانْظُرْ إلَى كَثْرَةِ هَذِهِ الْمَعَانِي وَالْفَوَائِدِ وَالدَّلَالَاتِ عَلَى الْأَحْكَامِ الَّتِي فِي ضِمْنِ قَوْله تَعَالَى مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ مَعَ قِلَّةِ حُرُوفِهِ وَبَلَاغَةِ لَفْظِهِ وَوَجَازَتِهِ وَاخْتِصَارِهِ وظهور فوائده وجميع ما ذكرنا من عِنْدَ ذِكْرِنَا لِمَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ مِنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَاسْتِنْبَاطِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا في مضمونه وتحريم مُوَافَقَتَهُ مَعَ احْتِمَالِهِ لِجَمِيعِ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَمِنْ عِنْدِهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ إذْ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْمَخْلُوقِينَ إيرَادُ لَفْظٍ يَتَضَمَّنُ مِنْ الْمَعَانِي وَالدَّلَالَاتِ وَالْفَوَائِدِ وَالْأَحْكَامِ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْقَوْلُ مَعَ اخْتِصَارِهِ وَقِلَّةِ عَدَدِ حُرُوفِهِ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ مَا لَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْمُنَا مِنْ مَعَانِيهِ مِمَّا لَوْ كُتِبَ لطال وكثر والله نسئل التَّوْفِيقَ لِنَعْلَمَ أَحْكَامَهُ وَدَلَائِلَ كِتَابِهِ وَأَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ قَوْله تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى قرئ فتذكر إحداهما الأخرى بِالتَّشْدِيدِ وَقُرِئَ فَتُذْكِرَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِالتَّخْفِيفِ وَقِيلَ إنَّ مَعْنَاهُمَا قَدْ يَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute