للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدًا يُقَالُ ذَكَّرْته وَذَكَرْته وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَالسُّدِّيِّ وَالضَّحَّاكِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ مُؤَمَّلُ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو قَالَ مَنْ قَرَأَ فَتُذَكِّرَ مُخَفَّفَةً أَرَادَ تَجْعَلَ شَهَادَتَهُمَا بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ ذَكَرٍ وَمَنْ قَرَأَ فَتُذَكِّرَ بِالتَّشْدِيدِ أَرَادَ مِنْ جِهَةِ التَّذْكِيرِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سفيان ابن عُيَيْنَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إذَا كَانَ مُحْتَمِلًا لِلْأَمْرَيْنِ وَجَبَ حَمْلُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْقِرَاءَتَيْنِ عَلَى مَعْنَى وَفَائِدَةٍ مُجَدَّدَةٍ فَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى فَتُذَكِّرَ بِالتَّخْفِيفِ تَجْعَلُهُمَا جَمِيعًا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ في ضبط الشهادة وحفظها وإتقانها وقوله تَعَالَى فَتُذَكِّرَ مِنْ التَّذْكِيرِ عِنْدَ النِّسْيَانِ وَاسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مُوجِبِ دَلَالَتَيْهِمَا أَوْلَى مِنْ الِاقْتِصَارِ بِهَا عَلَى مُوجِبِ دَلَالَةِ أَحَدِهِمَا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا

قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْت نَاقِصَاتٍ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِعُقُولِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْهُنَّ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ عَقْلِهِنَّ قَالَ جَعْلُ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ

فَهَذَا مُوَافِقٌ لمعنى من تأول فتذكر إحداهما الأخرى عَلَى أَنَّهُمَا تَصِيرَانِ فِي ضَبْطِ الشَّهَادَةِ وَحِفْظِهَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ إقَامَةُ شَهَادَةٍ وَإِنْ عُرِفَ خَطُّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لَهَا ألا ترى ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْكِتَابِ وَالْإِشْهَادِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى فَلَمْ يَقْتَصِرْ بِنَا عَلَى الْكِتَابِ وَالْخَطِّ دُونَ ذِكْرِ الشَّهَادَةِ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ إنَّمَا أَمَرَ بِهِ لِتَسْتَذْكِرَ بِهِ كَيْفِيَّةَ الشَّهَادَةِ وَأَنَّهَا لَا تُقَامُ إلَّا بَعْدَ حِفْظِهَا وَإِتْقَانِهَا وَفِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا قَالَ لَيْسَ عِنْدِي شَهَادَةٌ فِي هَذَا الْحَقِّ ثُمَّ قَالَ عِنْدِي شَهَادَةٌ فِيهِ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى فَأَجَازَهَا إذَا ذَكَرَهَا بَعْدَ نِسْيَانِهَا وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رَجُلٍ سُئِلَ عَنْ شَهَادَةٍ فِي أَمْرٍ كَانَ يَعْلَمُهُ فَقَالَ لَيْسَ عِنْدِي شَهَادَةٌ ثُمَّ إنَّهُ شَهِدَ بِهَا فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي قَالَ تُقْبَلُ مِنْهُ إذَا كَانَ عَدْلًا لِأَنَّهُ يَقُولُ نَسِيتهَا ثُمَّ ذَكَرْتهَا وَلِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ لَهُ فَيَجُوزُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْحَقُّ لِغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ هَذَا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي لَيْسَ لِي عِنْدَهُ هَذَا الْحَقُّ ثُمَّ يَدَّعِيهِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الْحَقِّ وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فَجَازَ إقْرَارُهُ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِذَلِكَ الْحَقِّ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَهَا بِإِقْرَارِهِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَإِنَّمَا هِيَ حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَلَا يُبْطِلُهَا قَوْلُهُ لَيْسَ عِنْدِي شَهَادَةٌ وقَوْله

<<  <  ج: ص:  >  >>