بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ بِالْعَقْدِ دُونَ الْقَبْضِ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ إذَا اخْتَلَفَ فِيهِ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالْحَسَنُ بن زياد إذا هلك وَاخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ فِي الدَّيْنِ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِبْرَاهِيمِ النَّخَعِيِّ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَقَالَ طَاوُسٌ يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ إلَى ثَمَنِ الرَّهْنِ وَيُسْتَحْلَفُ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَقَالَ إيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَوْلًا بَيْنَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ قَالَ إنْ كَانَ لِلرَّاهِنِ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ الرَّهْنَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ لو شاء جحده الراهن وَمَتَى أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا اخْتَلَفَا فِي الدَّيْنِ وَالرَّهْنُ قَائِمٌ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ
قَدْرَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ وَكَانَ أَوْلَى بِهِ وَيُحَلِّفُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الرَّهْنِ أَنْ يُعْطِيَهُ حَقَّهُ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَ رَهْنَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِيمَةِ الرَّهْنِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ وَعَظَهُ فِي الْبَخْسِ وَهُوَ النُّقْصَانُ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَأَيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُرْتَهِنُ هُوَ الْمُدَّعِي وَالرَّاهِنُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِقَضِيَّةِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَكُنْ رَهْنٌ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي مِقْدَارِهِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَلِكَ إذَا كَانَ بِهِ رَهْنٌ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُدَّعًى عَلَيْهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ يَحْتَجُّ لِمَالِكٍ أَنَّ قَوْلَهُ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ قال فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَأَقَامَ الرَّهْنَ مَقَامَ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَأْتَمِنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ حِينَ أَخَذَ مِنْهُ وَثِيقَةً كَمَا لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَى مَبْلَغِهِ إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ الشُّهُودَ لِأَنَّ الشُّهُودَ وَالْكُتَّابَ تُنَبِّئُ عَنْ مَبْلَغِ الْحَقِّ فَلَمْ يُصَدَّقْ الرَّاهِنُ وَقَامَ الرَّهْنُ مَقَامَ الشُّهُودِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ قِيمَتَهُ فَإِذَا جَاوَزَ قِيمَتَهُ فَلَا وَثِيقَةَ فِيهِ وَالْمُرْتَهِنُ مُدَّعٍ فِيهِ وَالرَّاهِنُ مُدَّعًى عَلَيْهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهَذَا مِنْ عَجِيبِ الْحُجَّاجِ وَذَلِكَ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْتَمِنْهُ حَتَّى أَخَذَ الرَّهْنَ قَامَ الرَّهْنُ مَقَامَ الشَّهَادَةِ وَزَعَمَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَوْلَ قَوْلَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ حِينَ قَالَ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَجَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ فِي الْحَالِ الَّتِي أُمِرَ فِيهَا بِالْإِشْهَادِ وَالْكِتَابِ وَلَمْ يَجْعَلْ عَدَمَ ائْتِمَانِ الطالب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute