للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ الْعَرَبِ كَلَالَةٌ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ أَيْ تَعَطَّفَ النَّسَبُ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَنْ قَرَأَهَا يُورِثُ بِالْكَسْرِ أَرَادَ مَنْ لَيْسَ بِوَلَدٍ وَلَا وَالِدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاَلَّذِي قَرَأَهُ بِالْكَسْرِ الْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْكَلَالَةَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ هُوَ الْإِحَاطَةُ فَمِنْهُ الْإِكْلِيلُ لِإِحَاطَتِهِ بالرأس ومنه الكل لإحاطته بما يدل عَلَيْهِ فَالْكَلَالَةُ فِي النَّسَبِ مِنْ أَحَاطَ بِالْوَلَدِ والوالد من أخوة والأخوات وتكللهما وتعطف عليها والولد والوالد ليس بِكَلَالَةٍ لِأَنَّ أَصْلَ النَّسَبِ وَعَمُودَهُ الَّذِي إلَيْهِ يَنْتَهِي هُوَ الْوَلَدُ وَالْوَالِدُ وَمَنْ سِوَاهُمَا فَهُوَ خَارِجٌ عَنْهُمَا وَإِنَّمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِمَا بِالِانْتِسَابِ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الْوِلَادَةِ مِمَّنْ نُسِبَ إلَيْهِ كَالْإِكْلِيلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الرَّأْسِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قول من تأولها على ما عَدَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ وَأَنَّ الْوَلَدَ إذَا لَمْ يكن من الكلالة فكذلك الولد لِأَنَّ نِسْبَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى الْمَيِّتِ مِنْ طَرِيقِ الْوِلَادَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَنَّ نَسَبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَرْجِعُ إلَى الْمَيِّتِ مِنْ طَرِيقِ وِلَادٍ بَيْنَهُمَا وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى مَنْ عَدَا الوالد وَأَخْرَجَ الْوَلَدَ وَحْدَهُ مِنْ الْكَلَالَةِ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الْوَالِدِ وَكَأَنَّهُ بَعْضُهُ وَلَيْسَ الْوَالِدُ مِنْ الْوَلَدِ كَمَا لَيْسَ الْأَخُ وَالْأُخْتُ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ بِالْأُخُوَّةِ فَاعْتَبَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْكَلَالَةَ بِمَنْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْهُ وَبَعْضُهُ فَأَمَّا مَنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَى الْمَيِّتِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مِنْهُ فَلَيْسَ بِكَلَالَةٍ وَقَدْ كَانَ اسْمُ الْكَلَالَةِ مَشْهُورًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ.

فَإِنِّي وَإِنْ كُنْت ابْنَ فَارِسِ عَامِرٍ وَفِي السِّرِّ مِنْهَا وَالصَّرِيحِ الْمُهَذَّبِ فَمَا سَوَّدَتْنِي عَامِرٌ عَنْ كَلَالَةٍ أَبَى اللَّهُ أَنْ أَسْمُوَ بِأُمٍّ وَلَا أَبِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَأَى الْجَدَّ الَّذِي انْتَسَبُوا إلَيْهِ كَلَالَةً وَأَخْبَرَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ سِيَادَتَهُ لَيْسَتْ مِنْ طَرِيقِ النَّسَبِ وَالْكَلَالَةِ لَكِنَّهُ بِنَفْسِهِ سَادَ وَرَأَسَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَلَّتْ الرَّحِمُ بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ إذَا تَبَاعَدَتْ وَحَمَلَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ كل عنه إذا تباعد والكلالة هُوَ الْإِعْيَاءُ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْعُدُ عَلَيْهِ تَنَاوُلُ مَا يُرِيدُهُ وَأَنْشَدَ الْفَرَزْدَقُ:

وَرِثْتُمْ قَنَاةَ الْمُلْكِ غَيْرَ كَلَالَةٍ عَنْ ابْنَيْ مَنَافٍ عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمِ يَعْنِي: وَرِثْتُمُوهَا بِالْآبَاءِ لَا بِالْأُخُوَّةِ وَالْعُمُومَةِ وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَلَالَةَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ أَحَدُهُمَا قَوْله تَعَالَى قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ مَا تَرَكَ إلَى آخِرِ الْآيَةِ فَذَكَرَ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>