للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَحْرُمَ الْوَطْءُ الْمُبَاحُ لِعَدَمِ الِاخْتِلَاطِ وَكَذَلِكَ الْوَطْءُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَسَائِرِ ضُرُوبِ الْوَطْءِ الَّذِي عُلِّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ إذْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُتَمَيِّزَةً عن أمها فَهُمَا غَيْرُ مُخْتَلِطَتَيْنِ فَإِذَا جَازَ أَنْ يَقَعَ التَّحْرِيمُ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ مَعَ عَدَمِ الِاخْتِلَاطِ فَمَا أُنْكِرَ مِثْلُهُ فِي الزِّنَا وَقَدْ بَيَّنَّا فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ دَلَالَةَ قَوْله تَعَالَى وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ وقوله تعالى اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ عَلَى وُقُوعِ التَّحْرِيمِ بِالزِّنَا فَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ دَلَالَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا شُبْهَةَ عَلَى مَا سُئِلَ عَنْهُ ثُمَّ حَكَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سَائِلِهِ هَذَا لَمَّا فَرَّقَ لَهُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْخَمْرِ وَبَيْنَ النِّسَاءِ بِمَا ذَكَرَ أنه لا يشبهه أَمْرُ النِّسَاءِ الْخَمْرَ وَالْمَاءَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَقُلْت لَهُ وَكَيْفَ قَبِلْت هَذَا مِنْهُ فَقَالَ مَا بَيَّنَ لَنَا أَحَدٌ بَيَانَك لَنَا وَلَوْ عَلِمَ صَاحِبُنَا بِهِ لَظَنَنْت أَنَّهُ لَا يُقِيمُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَكِنْ غَفَلَ وَضَعُفَ عَنْ كَلَامِهِ قَالَ فَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِمْ وَقَالَ الْحَقُّ عِنْدِي فِي قَوْلِكُمْ وَلَمْ يَصْنَعْ صَاحِبُنَا شَيْئًا وَلَا نَدْرِي مَنْ كَانَ هَذَا السَّائِلُ وَلَا مَنْ صَاحِبُهُمْ الَّذِي قَالَ لَوْ عَلِمَ صَاحِبُنَا بِهَذِهِ الْفُرُوقِ لَظَنَّ أَنَّهُ لَا يُقِيمُ عَلَى قَوْلِهِ وَقَدْ بَانَ عَمَى قَلْبِ هَذَا السَّائِلِ بِتَسْلِيمِهِ لِلشَّافِعِيِّ جَمِيعَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ لَهُ بِوَجْهِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِيمَا ذَكَرَ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا عَامِّيًّا لَمْ يَرْتَضِ بِشَيْءٍ مِنْ الْفِقْهِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ انْتَظَمَ بِذَلِكَ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا الْجَهْلُ وَالْغَبَاوَةُ بِمَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ مُنَاظَرَتِهِ وَتَسْلِيمِهِ مَا لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهُ وَمُطَالَبَتُهُ لِلْمَسْئُولِ بِالْفُرُوقِ الَّتِي لَا تُوجِبُ فَرْقًا فِي مَعَانِي الْعِلَلِ وَالْمُقَايَسَاتِ ثُمَّ انْتِقَالُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ إلَى مَذْهَبِهِ عَلَى مَا زَعَمَ وَتَرْكُهُ لِقَوْلِ أَصْحَابِهِ وَالْآخَرُ قِلَّةُ الْعَقْلِ وَذَلِكَ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ صَاحِبَهُ لَوْ سَمِعَ بِمِثْلِ ذَلِكَ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فَقَضَى بِالظَّنِّ عَلَى غَيْرِهِ فِيمَا لَا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهُ وَسُرُورُ الشَّافِعِيِّ بِمُنَاظَرَةِ مِثْلِهِ وَانْتِقَالُهُ إلَى مَذْهَبِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا مُتَقَارَبَيْنِ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ فِي مَعْنَى الْمُبْتَدِئِ وَالْمُغَفَّلِ الْعَامِّيِّ لَمَا أَثْبَتَ مُنَاظَرَتَهُ إيَّاهُ فِي كِتَابِهِ وَلَوْ كُلِّمَ بذلك المبتدؤن مِنْ أَحْدَاثِ أَصْحَابِنَا لَمَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ عَوَارُ هَذَا الْحِجَاجِ وَضَعْفُ السَّائِلِ وَالْمَسْئُولِ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ قَالَ لِمُنَاظِرِهِ جَعَلْت الْفُرْقَةَ إلَى الْمَرْأَةِ بِتَقْبِيلِهَا ابْنَ زَوْجِهَا وَاَللَّهُ لَمْ يَجْعَل الْفُرْقَةَ إلَيْهَا قَالَ فَقَالَ فَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا إذَا ارْتَدَّتْ قَالَ قُلْت وَأَقُولُ إنْ رَجَعَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاح أَفَتَزْعُمْ أَنْتَ فِي الَّتِي تُقَبِّلُ ابْنَ زَوْجِهَا مِثْلَهُ قَالَ لَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَنْكَرَ عَلَى خَصْمِهِ وُقُوعَ التَّحْرِيمِ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ قَالَ هُوَ بِهَا وَجَعَلَ إلَيْهَا الرَّجْعَةَ كَمَا جَعَلَ إلَيْهَا التَّحْرِيمَ ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَأَقُولُ إنْ مَضَتْ الْعِدَّةُ فَرَجَعَتْ إلَى الْإِسْلَامِ كَانَ لِزَوْجِهَا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>