للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْكِحَهَا أَفَتَزْعُمُ فِي الَّتِي تُقَبِّلُ ابْنَ زَوْجِهَا مِثْلَهُ قَالَ وَالْمُرْتَدَّةُ تَحْرُمُ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ حَتَّى تُسْلِمَ وَتَقْبِيلُ ابْنِ الزَّوْجِ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَنَاقَضَ عَلَى أَصْلِهِ فِيمَا أَنْكَرَهُ عَلَى خَصْمِهِ ثُمَّ أَخَذَ فِي ذِكْرِ الْفُرُوقِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي مَضَى مِنْ كَلَامِهِ وَلَمْ أَذْكُرْ ذَلِكَ لِأَنَّ فِي مِثْلِهِ شُبْهَةً عَلَى مِنْ ارْتَاضَ بِشَيْءٍ مِنْ النَّظَرِ وَلَكِنْ لِأُبَيِّنَ مَقَادِيرَ عُلُومِ مُخَالِفِي أَصْحَابِنَا وَمَحَلَّهُمْ مِنْ النظر وأما ما حكى عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ فِي فَرْقِهِ بَيْنَ الزِّنَا بِأُمِّ الْمَرْأَةِ بَعْدَ التَّزْوِيجِ وَقَبْلَهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ مَا يُوجِبُ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا لَا يَخْتَلِفُ حكمه فِي إيجَابِهِ ذَلِكَ بَعْدَ التَّزْوِيجِ وَقَبْلَهُ وَالدَّلِيلُ

عَلَيْهِ أَنَّ الرَّضَاعَ لَمَّا كَانَ مُوجِبًا لِلتَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهُ فِي إيجَابِهِ ذَلِكَ قبل التزويج وبعده وإنما قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّ فِعْلَ ذَلِكَ بِالرَّجُلِ لَا يحرم عليه أمه ولابنته مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَنْ يَصِحُّ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ أَنْ تُمَلَّكَ بِهِ فَيَكُونُ الْوَطْءُ الْمُحَرَّمُ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَطْءِ الْحَلَالِ فِي إيجَابِ التَّحْرِيمِ فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ وُجُودُ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَاحِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ ذَلِكَ بِالْعَقْدِ مِنْهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمُ التَّحْرِيمِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمَسَ الرَّجُلُ بِشَهْوَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ فِي إيجَابِ تَحْرِيمِ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَاللَّمْسُ بِمَنْزِلَةِ الْوَطْءِ فِي الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ التَّحْرِيمِ فَلَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ لَا حُكْمَ لَهُ فِي الرَّجُلِ فِي حُكْمِ تَحْرِيمِ الأم والبنت كان ذلك مَا سِوَاهُ مِنْ الْوَطْءِ وَفِي ذَلِكَ الدَّلَالَةُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا أَحَدُهُمَا أَنَّ لَمْسَ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ لِشَهْوَةٍ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يُمْلَكَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ كَانَ كَذَلِكَ حُكْمُ الْوَطْءِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَالثَّانِي أَنَّ اللَّمْسَ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي الْمَرْأَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَطْءِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَمِيعَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ لَمْسَ الْمَرْأَةِ الزَّوْجَةَ يُحَرِّمُ بِنْتَهَا كَمَا يُحَرِّمُهَا الْوَطْءُ وَكَذَلِكَ لَمْسُ الْجَارِيَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ يُوجِبُ مِنْ التَّحْرِيمِ مَا يُوجِبُهُ الْوَطْءُ وَكَذَلِكَ مَنْ حُرِّمَ بِوَطْءِ الزِّنَا حرم باللمس فلم لَمْ يَكُنْ لَمْسُ الرَّجُلِ مُوجِبًا لِلتَّحْرِيمِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ وَطْئِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَرْأَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ أَنَّ اللَّمْسَ لِشَهْوَةٍ بِمَنْزِلَةِ الْجِمَاعِ فِي تَحْرِيمِ أُمِّ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِهَا فَكُلُّ مَنْ حُرِّمَ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ أَوْجَبَهُ بِاللَّمْسِ إذَا كَانَ لِشَهْوَةٍ وَمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ لَمْ يُوجِبْهُ بِاللَّمْسِ لِشَهْوَةٍ وَلَا خِلَافَ أَنَّ اللَّمْسَ الْمُبَاحَ فِي الزَّوْجَةِ وَمِلْكَ الْيَمِينِ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ إلَّا شَيْئًا يُحْكَى عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَحْرُمُ بِاللَّمْسِ وَإِنَّمَا تَحْرُمُ بِالْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ مِثْلُهُ الْحَدَّ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ قَدْ سَبَقَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>