للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُلَامَسَةِ هُوَ وُقُوعُ الْعَقْدِ بِاللَّمْسِ وَالْمُنَابَذَةُ وُقُوعُ الْعَقْدِ بِنَبْذِهِ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحَصَاةُ هُوَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ حَصَاةً فَتَكُونَ هَذِهِ الْأَفْعَالُ عِنْدَهُمْ مُوجِبَةً لِوُقُوعِ الْبَيْعِ فَهَذِهِ بُيُوعٌ مَعْقُودَةٌ عَلَى الْمُخَاطَرَةِ وَلَا تَعَلُّقَ لِهَذِهِ الْأَسْبَابِ الَّتِي عَلَّقُوا وُقُوعَ الْبَيْعِ بِهَا بعقد البيع وأما ما جازه أَصْحَابُنَا فَهُوَ أَنْ يَتَسَاوَمَا عَلَى ثَمَنٍ يَقِفُ البيع ثُمَّ يَزِنُ لَهُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَيُسَلِّمُ الْبَائِعُ إلَيْهِ الْمَبِيعَ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مِنْ حُقُوقِ الْبَيْعِ وَأَحْكَامِهِ فَلَمَّا فَعَلَا مُوجِبَ الْعَقْدِ مِنْ التَّسْلِيمِ صَارَ ذَلِكَ رِضًى مِنْهُمَا بِمَا وَقَفَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مِنْ السَّوْمِ وَلَمْسِ الثَّوْبِ وَوَضْعِ الْحَصَاةِ وَنَبْذُهُ لَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ وَلَا مِنْ أَحْكَامِهِ فَصَارَ الْعَقْدُ مُعَلَّقًا عَلَى خَطَرٍ فَلَا يَجُوزُ وَصَارَ ذَلِكَ أَصْلًا فِي امْتِنَاعِ وُقُوعِ الْبِيَاعَاتِ عَلَى الْأَخْطَارِ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَهُ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ وَإِذَا جَاءَ غَدٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ وقَوْله تَعَالَى إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ عُمُومٌ فِي إطْلَاقِ سَائِرِ التِّجَارَاتِ وَإِبَاحَتِهَا وَهُوَ كقوله تعالى وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ فِي اقْتِضَاءِ عُمُومِهِ لِإِبَاحَةِ سَائِرِ الْبُيُوعِ إلَّا مَا خَصَّهُ التَّحْرِيمُ لِأَنَّ اسْمَ التِّجَارَةِ أَعَمُّ مِنْ اسْمِ الْبَيْعِ لِأَنَّ اسْمَ التِّجَارَةِ يَنْتَظِمُ عُقُودَ الْإِجَارَاتِ وَالْهِبَاتِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْأَعْوَاضِ وَالْبِيَاعَاتِ فَيُضَمَّنُ قَوْله تَعَالَى وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا نَهْيٌ مَعْقُودٌ بِشَرِيطَةٍ مُحْتَاجَةٍ إلَى بَيَانٍ فِي إيجَابِ حُكْمِهِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ أَكْلُ مَالٍ بَاطِلٍ حَتَّى يَتَنَاوَلَهُ حُكْمُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى الثَّانِي إطْلَاقُ سَائِرِ التِّجَارَاتِ وَهُوَ عُمُومٌ فِي جَمِيعِهَا لَا إجْمَالَ فِيهِ وَلَا شَرِيطَةَ فَلَوْ خُلِّينَا وَظَاهِرُهُ لَأَجَزْنَا سَائِرَ مَا يُسَمَّى تِجَارَةً إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ خَصَّ مِنْهَا أشياء بنص الكتاب وأشياء بسنة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْخَمْرُ وَالْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَسَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِأَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ التَّحْرِيمِ يَقْتَضِي سَائِرَ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا

وَقَالَ فِي الْخَمْرِ إنَّ الَّذِي حَرَّمَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا وَأَكْلَ ثَمَنِهَا وَلَعَنَ بَائِعَهَا وَمُشْتَرِيَهَا

وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم عن البيع الْغَرَرِ وَبَيْعِ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَبَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ

وَنَحْوِهَا من البياعات المجهولة والمعقود عَلَى غَرَرٍ جَمِيعُ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ مِنْ ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَقَدْ قُرِئَ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ فَمَنْ قَرَأَهَا بِالنَّصْبِ كَانَ تَقْدِيرُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَمْوَالُ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ فتكون التجارة

<<  <  ج: ص:  >  >>