بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَمِيعُهُ وَاجِبًا لَمَا اقْتَصَرَ عَلَى نِصْفِهِ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن أَحْمَدَ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا حميد ابن هِلَالٍ قَالَ أَتَانِي أَبُو الْعَالِيَةِ وَصَاحِبٌ لِي فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بِشْرَ بْنَ عَاصِمٍ اللَّيْثِيَّ فَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ حَدَّثَ هَذَيْنِ فَقَالَ بِشْرٌ حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ مَالِكٍ اللَّيْثِيُّ وَكَانَ مِنْ رهطه قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم سَرِيَّةً فَأَغَارَتْ عَلَى قَوْمٍ فَشَذَّ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ وَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ السَّرِيَّةِ وَمَعَهُ السَّيْفُ شاهرة فقال الشاذاني مسلم فضربه فقتله فنمى الْحَدِيثُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا فَقَالَ الْقَاتِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قَالَ إلَّا تَعَوُّذًا مِنْ الْقَتْلِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا تُعْرَفُ الْمُسَاءَةُ فِي وَجْهِهِ وَقَالَ إنَّ اللَّهَ أَبَى عَلَيَّ أَنْ أَقْتُلَ مُؤْمِنًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِيمَانِ الْمَقْتُولِ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى قَاتِلِهِ الدِّيَةَ لِأَنَّهُ كَانَ حَرْبِيًّا لَمْ يُهَاجِرْ بَعْدَ إسْلَامِهِ
وَحَدَّثَنَا محمد بن بكر قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً إلَى الْحُرُقَاتِ فَنُذِرُوا بِنَا فَهَرَبُوا فَأَدْرَكْنَا رَجُلًا فَلَمَّا غَشَّيْنَاهُ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَضَرَبْنَاهُ حَتَّى قتلناه فذكرته النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ لَك بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا قَالَهَا مَخَافَةَ السِّلَاحِ قَالَ أَفَلَا شَقَقْت عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَهَا أَمْ لَا مَنْ لَك بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فما زال يقولها حتى وَدِدْت أَنِّي لَمْ أُسْلِمْ إلَّا يَوْمَئِذٍ
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي إيجَابِهِ الْقَوَدَ عَلَى قَاتِلِ الْمُسْلِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُخْبِرَ بِإِسْلَامِ هَذَا الرَّجُلِ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى أُسَامَةَ دِيَةً وَلَا قَوَدًا وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إنَّ قَوْله تَعَالَى فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ إنَّمَا كَانَ حُكْمًا لِمَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ وهو منسوخ بقوله تعالى وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فَإِنَّهُ دَعْوَى لِنَسْخِ حُكْمٍ ثَابِتٍ فِي الْقُرْآنِ بِلَا دَلَالَةٍ وَلَيْسَ فِي نَسْخِ التَّوَارُثِ بِالْهِجْرَةِ وَإِثْبَاتِهِ بِالرَّحِمِ مَا يُوجِبُ نَسْخَ هَذَا الْحُكْمِ بَلْ هُوَ حُكْمٌ ثَابِتٌ بِنَفْسِهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمِيرَاثِ وَعَلَى أَنَّهُ فِي حَالِ مَا كَانَ التَّوَارُثُ بِالْهِجْرَةِ قَدْ كَانَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ مِنْ الْقَرَابَاتِ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَإِنَّمَا كَانَتْ الْهِجْرَةُ قَاطِعَةً لِلْمِيرَاثِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ فَقَدْ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِأَسْبَابٍ أُخَرَ فَلَوْ كَانَ الأمر على ما قال مالك لوجب أن تكون ديته وَاجِبَةً لِمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ مِنْ أَقْرِبَائِهِ لِأَنَّهُ معلوم أنه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute