لَمْ يَكُنْ مِيرَاثُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ مُهْمَلًا لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ فَلَمَّا لَمْ يُوجِبْ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ دِيَةً قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَلَا لِغَيْرِهِمْ عَلِمْنَا أَنَّهُ كَانَ مُبْقًى عَلَى حُكْمِ الْحَرْبِ لَا قِيمَةَ لِدَمِهِ وقَوْله تَعَالَى فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ يفيد أنه ما لم يهاجر فهو أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ بَاقٍ عَلَى حُكْمِهِ الْأَوَّلِ فِي أَنْ لَا قِيمَةَ لِدَمِهِ وَإِنْ كَانَ دَمُهُ مَحْظُورًا إذْ كَانَتْ النِّسْبَةُ إلَيْهِمْ قَدْ تَصِحُّ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ بَلَدِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ رَحِمٌ بَعْدَ أَنْ يَجْمَعَهُمْ فِي الْوَطَنِ بَلَدٌ أَوْ قَرْيَةٌ أَوْ صُقْعٌ فَنَسَبَهُ اللَّهُ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ إذْ كَانَ من أهل ديارهم ودل بذلك عَلَى أَنْ لَا قِيمَةَ لِدَمِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا فَجَعَلَهُمْ مُؤْمِنِينَ مَعَ إقَامَتِهِمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ إسْلَامِهِمْ وَأَوْجَبَ عَلَيْنَا نُصْرَتَهُمْ بِقَوْلِهِ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ وَلَوْ كَانَ مَا قَالَ صَحِيحًا لَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ لَلتُّجَّارِ دُخُولُ دَارِ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ وَأَنْ يَكُونُوا بِذَلِكَ مُرْتَدِّينَ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلُ أَحَدٍ فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِمَا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ وعبد ان الْمَرْوَزِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الشُّعَبِيِّ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ إلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَدْ حَلَّ دَمُهُ
فَإِنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَحِقَ بِهِمْ مُرْتَدًّا عَنْ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ إبَاقَ الْعَبْدِ لَا يُبِيحُ دَمَهُ وَاللَّحَاقُ بدار الحرب كدخول الناجر إلَيْهَا بِأَمَانٍ فَلَا يُبِيحُ دَمَهُ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ مَنْ أَصَابَ مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ مُسْلِمًا فَلَا شيء عليه وإن علم إسلامه أُقِيدَ بِهِ فَإِنَّهُ مُتَنَاقِضٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّ لِدَمِهِ قِيمَةً لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ فِي وُجُوبِ بَدَلِهِ فِي الْعَمْدِ وَدِيَتِهِ فِي الْخَطَإِ فَإِذَا لَمْ يَجِبْ في الخطأ شيء كذلك حكم العمد فِيهِ وَلَمَّا ثَبَتَ بِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِدَمِ الْمُقِيمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ إسْلَامِهِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ إلَيْنَا وَكَانَ مُبْقًى عَلَى حُكْمِ الْحَرْبِ وَإِنْ كَانَ مَحْظُورَ الدَّمِ أَجْرَوْهُ أَصْحَابُنَا مُجْرَى الْحَرْبِيِّ فِي إسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْ مُتْلِفِ مَالِهِ لِأَنَّ دَمَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ ماله ولا ضمان على متلف نفسه فما له أَحْرَى أَنْ لَا يَجِبَ فِيهِ ضَمَانٌ وَأَنْ يَكُونَ كَمَالُ الْحَرْبِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلِذَلِكَ أَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ مُبَايَعَتَهُ عَلَى سَبِيلِ مَا يجوز مبايعته الْحَرْبِيِّ مِنْ بَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَمَّا الْأَسِيرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ أبى حَنِيفَةَ أَجْرَاهُ مُجْرَى الَّذِي أَسْلَمَ هُنَاكَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ وَذَلِكَ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute