للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبيل الشعر، ولا هو «١» من ضروب الخطب والسجع «٢»، يعلم من تأمله أنه خارج عن المألوف، مباين للمعروف، متناسب في البلاغة، متشابه في البراعة، بريء من

التكلف، منزّه عن التصنع والتعسف، وكلام البشر- وإن كان من فصيح بليغ- يظهر فيه- إذا طال- تفاوت واختلاف وإخلال «٣». والقرآن «٤» العزيز على ذوق واحد، إن بشّر أو أنذر أو وعظ أو حذّر «٥» أو قصّ وأخبر، أو نهى أو أمر «٦»، وليس ذلك لرؤساء الكلام وفحول النظام، فقد يجيد بعضهم المدح ويقصّر في ضده، وفي وصف الخيل وسير الليل دون وصف الحرب والجود والمطر والسيل.

والقرآن العزيز كله- وإن أطال «٧» في هذه المعاني التي ذكرتها أو أوجز على قريّ «٨» واحد، [لا لتعثر] «٩» فيه على اختلاف ولا لتقصير بواحد فلا يشك في صحة نزوله من عند الله عزّ وجلّ ذو بصيرة «١٠».


(١) (هو) ليست في بقية النسخ.
(٢) انظر جواب الباقلاني على من ادعى أنّ القرآن مشتمل على الشعر والسجع (٥٣ - ٥٧).
(٣) يقول الباقلاني: «ومتى تأملت شعر الشاعر البليغ: رأيت في شعره على حسب الأحوال التي يتصرف فيها، فيأتي بالغاية في البراعة في معنى فإذا جاء إلى غيره قصر عنه ووقف دونه، وبان الاختلاف على شعره، وهؤلاء لا خلاف في تقدمهم في صنعة الشعر، ولا شك في تبريزهم في مذهب النظم والخطب والرسائل ونحوها، وذكر مثل هؤلاء يغني عن ذكر غيرهم» اه.
انظر إعجاز القرآن: ٣٧ (باختصار يسير).
(٤) سقطت الواو من ظ.
(٥) في بقية النسخ: أو وعظ وحذر.
(٦) انظر نحو هذا في ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: ٢٧.
وإعجاز القرآن للباقلاني: ٣٦ والبرهان للزركشي: ٢/ ١٠٣.
(٧) في د، ظ: وان طال.
(٨) القرو والقريّ: كل شيء على طريق واحد، يقال: ما زال على قرو واحد وقري واحد، ورأيت القوم على قرو واحد، أي على طريقة واحدة. اللسان ١٥/ ١٧٥ (قرا).
(٩) هكذا في الأصل: لا لتعثر فيه. ولا معنى لها. وفي د، ظ: لا تعتز وكذلك لا معنى لها. وفي ظق:
لا تعثر. وهو الصواب.
(١٠) يقول الخطابي: «ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الامور، والجمع بين أشتاتها حتى تنتظم وتتسق أمر تعجز عنه قوى البشر، ولا تبلغه قدرتهم فانقطع الخلق دونه، وعجزوا عن معارضته بمثله .. » اه.
ثلاث رسائل في اعجاز القرآن: ٢٨.
ونقله عنه الزركشي في البرهان ٢/ ١٠٤، والسيوطي في الإتقان ٤/ ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>