للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا قدرة لأحد من البشر على أن يأتي بمثله في أحكام معانيه «١» وانتظام ألفاظه وبديع مناهجه «٢».

ولقد عجزت العرب- مع قدرتها على التصرف في الكلام والفصاحة وفروع البلاغة- عن معارضته بسورة «٣».

ومن السور ما يقل عدده «٤»، وقد أعلمهم أنهم لا يقدرون على ذلك «٥»، فنطق لسان الحال بعجزهم، ووقوع إياسهم من الوصول الى شيء منه، وانحرفوا إلى القتال وبذل الأموال في المعاندة «٦»، فالقرآن إذا لهذا السبب: أعظم آياته صلّى الله عليه وسلّم، وأوضح الأدلة على صحة نبوته «٧».

ولهذا قال الله عزّ وجلّ: .. لا رَيْبَ فِيهِ* «٨» أي لا يرتاب فيه ذو لبّ فإن قيل: ما معنى قولكم: النظم الغريب والرصف العجيب؟ وهل ثم زائد على تعلق الكلام بعضه ببعض، وذلك: الإسم بالاسم والفعل بالاسم والحرف بهما، وهذا موجود في كلام العرب، فبأي شيء باين القرآن كلام العرب؟ قيل: ما كل ما يحيط به العلم تؤديه الصفة، ولكن ألست تفضل كلام البلغاء والخطباء على غيره؟!.

وترى أيضا فلانا أبلغ من فلان وأخطب وأشعر وأفصح؟


(١) في د، ظ: في إحكام مكانته.
(٢) في بقية النسخ: منهاجه.
(٣) في: ظ: عن معارضة سوره.
(٤) كسورة الكوثر مثلا فإنّها أقصر سورة، وهي ثلاث آيات قصار.
راجع إعجاز القرآن للباقلاني ٢٥٤، ومناهل العرفان: ٢/ ١٢٩.
(٥) والتحدي بسورة هي آخر المراحل التي تحداهم بها فعجزوا.
قال تعالى أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ .. يونس (٣٨).
(٦) راجع نحو هذا في إعجاز القرآن للباقلاني: ٢٤٩.
(٧) يقول ابن كثير: «ومثل هذا التحدي إنما يصدر عن واثق بأنّ ما جاء به لا يمكن للبشر معارضته ولا الاتيان بمثله، ولو كان من منقول من عند نفسه لخاف أن يعارض فيفتضح، ويعود عليه نقيض ما قصده من متابعة الناس له، ومعلوم لكل ذي لب أن محمدا صلّى الله عليه وآله وسلّم من أعقل خلق الله تعالى بل أعقلهم وأكملهم على الإطلاق في نفس الأمر، فما كان ليقدم على هذا الأمر إلّا وهو عالم بأنّه لا يمكن معارضته وهكذا وقع ... » اه البداية والنهاية ٦/ ٦٨.
(٨) البقرة والسجدة (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>