للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: ذلك منكوس القلب) «١».

قال أبو عبيد: يتأول (منكوسا) كثير من الناس: أن يبتدئ من آخر السورة فيقرأها الى أولها، وهذا شيء ما أحسب أحدا يطيقه ولا كان «٢» هذا في زمن عبد الله، ولا عرفه «٣»، ولكن وجهه عندي: أن يبدأ من آخر القرآن من المعوذتين، ثم يرتفع إلى البقرة كنحو ما يتعلم الصبيان في الكتّاب، لأنّ السنّة خلاف هذا، يعلم ذلك بالحديث الذي يحدثه عثمان- رحمه الله- عن النبي صلّى الله عليه وسلم (أنه كان اذا نزلت عليه السورة او الآية، قال:

ضعوها في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا) «٤».

ألا ترى ان التأليف الآن في الحديث من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم كتب المصاحف على هذا، ومما يبيّن لك ذلك «٥» أنه ضم (براءة) إلى (الانفال) فجعلها بعدها، وهي أطول، وإنما ذلك للتأليف «٦»، فكان أول القرآن فاتحة الكتاب ثم البقرة «٧»، فإذا بدأ من المعوذتين صارت فاتحة الكتاب آخر القرآن، فكيف تسمى فاتحته «٨» وقد جعلت خاتمته؟!.

قال: وقد روي عن الحسن وابن سيرين من الكراهة فيما هو دون هذا قال: حدثنا


من تهليل وتذكير وتحميد وتسبيح وتمجيد، وعلى الخوف والرجاء والدعاء والسؤال والأمر بالتفكر في آياته والاعتبار بمصنوعاته إلى غير ذلك مما شرح فيه من واجبات الأحكام وفرق فيه بين الحلال والحرام، ونص فيه من غيب الأخبار، وكرّر فيه من ضرب الأمثال والقصص والمواعظ .. الخ.
فمن وقف على ذلك وتدبره فقد حصل أفضل العبادات، وأسنى الأعمال والقربات، ولم يبق عليه ما يطالب به بعد ذلك من شيء اه. التذكار في أفضل الاذكار الباب السابع ص ٣٨.
(١) ساق ابن أبي داود بسنده إلى الأعمش عن أبي وائل قال: أتي عبد الله بمصحف قد حلّى بذهب، فقال: إن أحسن ما زيّن به تلاوته في الحق، وجاء رجل إلى عبد الله، فقال: الرجل يقرأ القرآن منكوسا، قال: ذاك منكوس القلب اه كتاب المصاحف باب تحلية المصاحف بالذهب ص ١٦٩.
وأخرجه أبو عبيد مختصرا باب ما يستحب لحامل القرآن من إكرام القرآن وتعظيمه وتنزيهه ص ٥٧، وانظر المصنف لابن أبي شيبة ١٠/ ٥٦٤، ومجمع الزوائد ٧/ ١٦٨، ونقله النووي عن ابن أبي داود وصححه. انظر التبيان ص ٥٢.
(٢) في غريب الحديث لأبي عبيد: لا كان، بدون واو.
(٣) في غريب الحديث لأبي عبيد: ولا أعرفه.
(٤) تقدم تخريجه ص ٢٩٩.
(٥) في غريب الحديث: أيضا.
(٦) في غريب الحديث: التأليف.
(٧) وهكذا إلى آخر القرآن.
(٨) في الأصل: أضاف الناسخ كلمة «الكتاب» بعد كلمة (فاتحته) ولا محل لها حيث يوجد الضمير.

<<  <  ج: ص:  >  >>