للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي عدي «١» عن أشعث «٢» عن الحسن وابن سيرين أنهما كانا يقرءان القرآن من أوله الى آخره، ويكرهان الأوراد «٣».

وقال ابن سيرين: تأليف الله خير من تأليفكم.

قال أبو عبيد: وتأويل الأوراد: أنهم كانوا أحدثوا أن جعلوا القرآن أجزاء، كل جزء منها فيه سورة مختلفة من القرآن على غير التأليف، جعلوا السورة الطويلة مع أخرى دونها في الطول، ثم يزيدون كذلك حتى يتم الجزء ولا يكون فيه سورة منقطعة. فهذه الأوراد التي كرهها الحسن ومحمد، والنكس أكثر «٤» من هذا وأشد، وإنّما جاءت الرخصة في تعلّم الصبي والعجمي من المفصل لصعوبة السور الطوال عليهما، فهذا عذر «٥»، فأما من قد قرأ القرآن وحفظه، ثم يعمد «٦» أن يقرأه من آخره إلى أوله، فهذا النكس المنهى عنه، فإذا كرهنا هذا، فنحن للنكس من آخر السورة إلى أولها أشد كراهة «٧» - إن كان ذلك يكون «٨» - اه.

قال أبو عبيد: وحدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل قال: قيل لعبد الله:

إنّك لتقل الصوم، قال: إنّه يضعفني عن قراءة القرآن، وقراءة القرآن أحب إليّ منه «٩».


(١) محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وقد ينسب لجده، وقيل: هو إبراهيم أبو عمرو البصري ثقة من التاسعة مات سنة ١٩٤ هـ على الصحيح.
التقريب ٢/ ١٤١، وذكره العجلي في تاريخ الثقات: ٤١٠، وانظر الجرح والتعديل ٧/ ١٨٦.
(٢) أشعث بن عبد الملك الحمراني- بضم المهملة- البصري أبو هانئ ثقة فقيه من السادسة مات سنة ١٤٢ هـ أو نحوها.
التقريب ١/ ٨٠، وانظر الكنى للإمام مسلم ٢/ ٨٩١، والجرح والتعديل ٢/ ٢٧٥، والميزان ١/ ٢٦٦.
(٣) سينقل المصنّف معنى الأوراد قريبا عن أبي عبيد.
(٤) في د وظ: أكبر. وهي أليق.
(٥) يقول النووي: وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فممنوع منعا متأكدا فإنه يذهب بعض ضروب الإعجاز ويزيل حكمة الترتيب .. وأما تعليم الصبيان من آخر المصحف إلى أوله فحسن ليس هذا من هذا الباب .. إلخ اه التبيان ص ٥٢.
(٦) في ظق: ثم تعمد.
(٧) قال القرطبي: ومن حرمة القرآن أن لا يتلى منكوسا كفعل معلمي الصبيان يلتمس أحدهم أن يرى الحذق من نفسه والمهارة فإن تلك مخالفة اه مقدمة تفسيره ١/ ٢٩.
(٨) نقل هذا السخاوي عن أبي عبيد من كتاب غريب الحديث ٢/ ٢٢٠.
(٩) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- بالسند المذكور، فضائل القرآن باب فضل قراءة القرآن والاستماع إليه ص ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>