للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عبيد: قال عباد «١»: سألت أبا حنيفة «٢» عن ذلك، فقال: (لا بأس أن تعلمه القرآن صغيرا وكبيرا) «٣».

وقد روى نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا تسافروا بالقرآن، فإني أخاف أن يناله العدو» «٤».

ففي هذا الحديث ما يمنع ما ذهب إليه «٥» الحسن وغيره، لأن ذلك يؤدي إلى أن يمسه الكافر، وإذا كان المسلم لا يمس القرآن- وهو محدث- فكيف يجوز أن يعلمه المشرك، فيكتبه؟ وإذا كان المسلم الجنب لا يقرأه فكيف يجوز أن يقرأه الكافر «٦»؟.


من يرجى منه الرغبة في الدين والدخول فيه على الأمن منه أن يتسلط بذلك الى الطعن فيه، وبين من يتحقق أن ذلك لا ينجع فيه، أو يظن أنه يتوصل بذلك إلى الطعن في الدين اه الفتح ٦/ ٠٧؟.
قلت: وهو كما قال رحمه الله. وإلّا كيف نستطيع التوصل إلى قلوب من يرغبون الدخول في الإسلام إلّا بإسماعهم كلام الله وتعليمهم بعض آياته وسوره وحتى تقوم الحجة عليهم. والله يهدي من يشاء.
(١) عباد بن العوام بن عمر الكلابي مولاهم أبو سهل الواسطي ثقة من الثامنة مات سنة ١٨٥ هـ.
التقريب ١/ ٣٩٣، وتاريخ الثقات: ٢٤٧.
(٢) النعمان بن ثابت التيمي بالولاء الكوفي أبو حنيفة إمام الحنفية الفقيه المجتهد المحقق، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السّنة، ولد ونشأ بالكوفة (٨٠ - ١٥٠ هـ).
انظر التقريب ٢/ ٣٠٣، وتاريخ بغداد ١٣/ ٣٢٣، والجرح والتعديل ٨/ ٤٤٩، والبداية والنهاية ١٠/ ١١٠، والإعلام للزركلي ٨/ ٣٦.
(٣) أخرجه أبو عبيد- كما قال المصنف- في فضائله باب القارئ يعلم المشركين القرآن ... الخ ص ١٣١.
(٤) رواه البخاري في كتاب الجهاد باب كراهية السفر بالمصحف إلى أرض العدو ٦/ ١٣٣، بشرح ابن حجر.
ورواه مسلم في كتاب الإمارة باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار ١٣/ ١٣، وأبو داود كتاب الجهاد باب في المصحف يسافر به إلى أرض العدو ٣/ ٨٢، والنسائي في فضائل القرآن باب السفر بالقرآن إلى أرض العدو ص ٦٤، وأبو عبيد في فضائل القرآن ص ١٣١.
قال النووي: «فيه النهي عن المسافرة بالمصحف إلى أرض الكفار للعلة المذكورة في الحديث، وهي خوف أن ينالوه فينتهكوا حرمته، فإن أمنت هذه العلة بأن يدخل في جيش المسلمين الظاهرين عليهم فلا كراهة ولا منع منه حينئذ لعدم العلة، هذا هو الصحيح ... » اه شرح النووي على صحيح مسلم ١٣/ ١٣ وراجع كلام ابن حجر في هذا أيضا في فتح الباري ٦/ ١٣٤.
(٥) (اليه) ساقط من د وظ.
(٦) وهذا لا ينافي أن يعلم المسلم المشرك أو الكافر ما يعرف به الحق فيدخل فيه ولو بطريق التلقي والمشافهة ولا يلزم منه أن يمس المصحف والله أعلم. وقد ذكر ابن أبي داود آثارا تدل على جواز كتابة

<<  <  ج: ص:  >  >>