للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال يحيى: ما يضرك ألا تكون سمعته من عائشة، نافع ثقة على أبي وأبي ثقة على عائشة، وما يسرني إني قرأتها هكذا، ولي كذا كذا.

قلت «١»: ولم وأنت تزعم أنها قد قالت؟ «٢».

قال: لأنه غير قراءة الناس «٣».

ونحن لو وجدنا رجلا يقرأ بما ليس بين اللوحين، ما كان بيننا وبينه إلّا التوبة، أو تضرب «٤» عنقه، نجيء به عن الأمة عن الأمة «٥»، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم عن جبريل عن الله عزّ وجلّ، وتقولون أنتم: حدّثنا فلان الأعرج عن فلان الأعمى، ما أدرى «٦» ماذا أن ابن مسعود يقرأ غير ما في اللوحتين «٧» إنّما هو- والله- ضرب العنق أو التوبة اه.

وقال هارون «٨»: ذكر ذلك لأبي عمرو «٩» - يعني القراءة المعزوة إلى عائشة- فقال:


كانت تقرأ (إذ تلقونه بألسنتكم) وتقول الولق: الكذب.
قال ابن أبي مليكة: «وكانت أعلم من غيرها بذلك لأنه نزل فيها» اه فتح الباري (٧/ ٤٣٩).
(١) القائل: خلاد الباهلي.
(٢) في المرشد الوجيز نقلا عن المؤلف: قد قرأت.
(٣) قال النووي: «مذهبنا أن القراءة الشاذة لا يحتج بها، ولا يكون لها حكم الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لأن ناقلها لم ينقلها إلا على أنها قرآن، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر بالإجماع، وإذا لم يثبت قرآنا لا يثبت خبرا، والمسألة مقررة في أصول الفقه ... » اه شرح النووي على مسلم (٥/ ١٣١) وقد أشار ابن تيمية- رحمه الله- إلى الخلاف بين العلماء بالاحتجاج بما لم يتواتر من القراءات التي صحت عن بعض الصحابة، مع كونها ليست في مصحف عثمان- رضي الله عنه- فإنها تضمنت عملا وعلما، وهي خبر واحد صحيح، فاحتجوا بها في إثبات العمل، ولم يثبتوها قرآنا، لأنها من الأمور العلمية التي لا تثبت إلا بيقين» اه. انظر الفتاوي (٢٠/ ٢٦٠).
(٤) في د وظ: وتضرب عنقه.
(٥) في ت: كتب الناسخ الكلمتين ثم وضع خطأ على إحداهما ظنا منه أنها مكررة وليس كذلك، بل المقصود أن الأمة تروي عن الأمة ... الخ.
(٦) في د وظ: وما أدري.
(٧) هكذا العبارة في النسخ وهي مضطربة- كما ترى- وقد وجدتها بنقل أبي شامة عن شيخه السخاوي:
«حدثنا فلان الأعرج عن فلان الأعمى أن ابن مسعود يقرأ ما بين اللوحين، ما أدري ماذا؟! إنما هو- والله- ضرب العنق أو التوبة» اه المرشد الوجيز (ص ١٨٠).
ولعل كلمة (غير) سقطت، وهي موجودة في نص السخاوي وبها يتم المعنى، والله أعلم.
(٨) هو هارون بن موسى أبو عبد الله الأعور العتكي البصري الأزدي مولاهم علامة صدوق، نبيل له قراءة معروفة، وكان من القراء، مات قبل المائتين تقريبا. انظر غاية النهاية (٢/ ٣٤٨) والتقريب (٢/ ٣١٣).
(٩) أبو عمرو بن العلاء بن عمار العريان- واسمه زبان على الأصح- وقيل غير ذلك، المازني النحوي

<<  <  ج: ص:  >  >>