للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فزعم أن كل من صح عنده وجه في العربية بحرف من القرآن يوافق خط المصحف «١» فقراءته به «٢» جائزة في الصلاة وفي غيرها، فابتدع بدعة ضلّ بها عن قصد السبيل، وتورط في منزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله، وحاول إلحاق كتاب الله عزّ وجلّ من الباطل ما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله- بسيئ رأيه «٣» - طريقا إلى مغالطة أهل الحق بتخيّر القراءات من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض على أهل الاسلام قبوله، والأخذ به كابرا عن كابر، وخالفا عن سالف، وكان أبو بكر بن مجاهد «٤» - رحمه الله- استتابه عن بدعته «٥» وأحضره السلطان ليؤدبه، فاستوهب من السلطان تأديبه عند توبته وإظهاره الإقلاع عن بدعته، ثم عاد إلى ما كان عليه، واستغوى من أصاغر المسلمين وأهل الغفلة والغباوة جماعة ظنا منه أن ذلك يكون للناس دينا، وأن يجعلوه فيما ابتدعه إماما، ولن تعدو ضلالته مجلسه «٦» لأن الله عزّ وجلّ قد أعلمنا أنه حافظ كتابه من لفظ الزائفين وشبهات الملحدين بقوله عزّ وجلّ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «٧» وأبو طاهر عبد الواحد هذا إمام من أئمة القرآن، وهو صاحب ابن مجاهد، وفي هذه «٨»


قال ابن الجزري: وظن أبو شامة بعد نقله هذا عن أبي طاهر في كتابه المرشد الوجيز أنه ابن شنبوذ» اه غاية النهاية (٢/ ١٢٤).
قلت: وما ذكرته عن الخطيب صريح بأنه ليس ابن شنبوذ وإنما هو ابن مقسم، ولكن يظهر من كلام أبي شامة وغيره أيضا أن ابن شنبوذ صارت له قضية شبيهة بقضية ابن مقسم، إلا أن ابن شنبوذ فاء إلى رشده ورجع إلى الحق وأعلن توبته ولم يذكر عنه أنه رجع إلى بدعته تلك، والله أعلم.
(١) قال ابن الجزري: «وهذا القسم مردود، وهو ما وافق العربية والرسم ولم ينقل البتة، فهذا رده أحق ومنعه أشد، ومرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر. وقد ذكر جواز ذلك عن أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي إلى أن قال: ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق، وهو الذي ليس له أصل في القراءة يرجع إليه، ولا ركن وثيق في الأداء يعتمد عليه» اه النسر (١/ ١٧).
(٢) (به) ساقطة من د وظ.
(٣) في د وظ: يسيء قراءته.
(٤) أحمد بن موسى بن العباس المقرئ الأستاذ، مصنف كتاب (القراءات السبعة) كان واسع العلم، وفاق سائر نظائره من أهل صناعته (٢٤٥ - ٣٢٤ هـ). معرفة القراء (١/ ٢٦٩) وغاية النهاية (١/ ١٣٩).
(٥) انظر: تاريخ الأدب العربي (٤/ ٣).
(٦) في ظق: مجالسه.
(٧) الحجر (٩).
(٨) في ظ: وفي هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>