للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عبد الله بن عمر- رضي الله عنه- (نزلت في صلاة التطوع،، يصلي حيثما توجهت به الراحلة) «١».

وقيل: نزلت في قوم عمّيت عليهم القبلة، فصلوا باجتهادهم إلى جهات مختلفة- فأعلموا أن صلاتهم جائزة «٢».

وروى عامر بن ربيعة «٣» عن أبيه «٤» (كنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في سفر


ناسخة، وأن فسرناها بسائر الوجوه، فهي لا ناسخة ولا منسوخة» اه.
... وقال: إن قوله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ مشعر بالتخيير، والتخيير لا يثبت إلا في صورتين:
أحدهما: في التطوع على الراحلة، وثانيهما: في السفر عند تعذر الاجتهاد للظلمة أو لغيرها، لأن في هذين الوجهين المصلي مخير، فأما على غير هذين الوجهين فلا تخيير ... اه ٤/ ١٩. وسيذكر المصنف الأدلة على هاتين الصورتين- أعني التطوع على الراحلة حيثما توجهت به الراحلة، أو الصلاة المكتوبة عند تعذر معرفة القبلة.
وقال ابن الجوزي: وأعلم أن قوله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ليس فيه أمر بالتوجه إلى بيت المقدس ولا إلى غيره، بل هو دال على أن الجهات كلها سواء في جواز التوجه إليها.
ثم قال: فأما التوجه إلى بيت المقدس، فاختلف العلماء، هل كان برأي النبي صلّى الله عليه وسلّم واجتهاده أو كان عن وحي؟
فروى عن ابن عباس وابن جريج أنه كان عن أمر الله تعالى له. وقال الحسن وعكرمة وأبو العالية والربيع: بل كان برأيه واجتهاده ... ثم ذكر أدلة القولين. نواسخ القرآن ص ١٤٦، ١٤٨.
والذي يظهر أنه يميل إلى أن ذلك كان باجتهاد منه صلّى الله عليه وسلّم واختياره، بدليل ذكره لخلاف العلماء في سبب اختياره بيت المقدس والله أعلم.
(١) روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده إلى عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه، قال: وفيه نزلت فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ اه.
ثم ذكر مسلم أحاديث تدل على أنه كان صلّى الله عليه وسلّم يصلي صلاة التطوع حيثما توجهت به الراحلة.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (٥/ ٢٠٩). ورواه الترمذي في أبواب التفسير باب ومن سورة البقرة (٨/ ٢٩٢)، وراجع أسباب النزول للواحدي ص ٢٠، ٢١، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص ١٤١.
(٢) انظر حديث عامر بن ربيعة الآتي:
(٣) الذي روى عن أبيه هو عبد الله بن عامر بن ربيعة وليس عامر هو الذي روى عن أبيه، كما في صحيح؛ مسلم (٥/ ٢١٢) وسنن الترمذي: (٢/ ٣٢١) فهو عبد الله بن عامر بن ربيعة، حليف بني عدي، أبو محمد، ولد على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، مدني تابعي ثقة، من كبار التابعين، مات سنة بضع وثمانين. التقريب (١/ ٤٢٥)، وتاريخ الثقات ص ٢٦٣.
(٤) عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك، حليف آل الخطاب، صحابي مشهور أسلم قديما وهاجر، وشهد

<<  <  ج: ص:  >  >>