للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن زيد: الآيتان محكمتان «١»، أما قوله عزّ وجلّ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ، فإنه قال بعد ذلك: وَخُذُوهُمْ، أي للمن والفداء، على حسب ما يرى الإمام، وقد فعل جميع ذلك رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-، فقتل من الأسرى يوم بدر: عقبة ابن أبي معيط، والنضر بن الحارث، ومنّ على قوم وقبل الفدية من قوم «٢».

الثالث: قوله عزّ وجلّ: ... إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ «٣».

قالوا: نسخ بآية السيف «٤»، وهذا مستثنى وليس بناسخ لما تقدم «٥»، وكيف يكون الاستثناء نسخا، ولم يدخل في الأول في مراد المتكلم؟ ولو قال قائل: اضرب القوم إلّا زيدا، لم يكن زيد داخلا في المضروبين في نيّة المتكلم، وقد انكشف ذلك للسامع أيضا.

الرابع: قوله عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ... ، إلى قوله عزّ وجلّ: ... فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ «٦»، قالوا: نسخ جميع ذلك بآية الزكاة «٧».

وعن عمر بن عبد العزيز- رحمه الله-: أراها منسوخة بقوله عزّ وجلّ: خُذْ مِنْ


(١) في ظ: المحكمتان.
(٢) وهذا هو الصحيح، وعليه عامة الفقهاء، كما ذكره النحاس، ومكي وابن الجوزي والقرطبي.
انظر: المصادر السابقة. وسيأتي مزيد بيان لهذا- ان شاء الله تعالى- عند قوله تعالى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ... الآية ٤ من سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم ص ٨٣٦.
(٣) التوبة: (٧). وأولها: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ ....
(٤) حكي النسخ هنا ابن سلامة ص ١٨٥، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص ٣٦٢، وابن البارزي ص ٣٥.
(٥) ولذلك أعرض ابن حزم، والنحاس، ومكي وغيرهم من المفسرين، أعرضوا عن ذكرها في الناسخ والمنسوخ، وإن كان ابن الجوزي قد حكاه في نواسخ القرآن، إلا أن عبارته في المصفّى بأكفّ أهل الرسوخ، وزاد المسير تنبئ بعدم قبوله لدعوى النسخ، حيث قال: «زعم بعضهم أنها منسوخة بآية السيف ... » انظر: المصدرين المذكورين ص ٣٨، ٣/ ٤٠١.
(٦) التوبة: (٣٤، ٣٥). ... وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ* يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ.
(٧) قاله ابن حزم ص ٤٠، وابن سلامة ص ١٨٥، وابن البارزي ص (٣٥)، والكرمي ص ١١٧، والفيروزآبادي ١/ ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>