للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن رفع الصوت بالدعاء، وقال: إنكم لا تنادون أصمّ «١».

وقيل: (يا رسول الله، أقريب ربّنا فنناجيه أم بعيد فنناديه)؟ فأنزل الله عزّ وجلّ وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ «٢»، فالآية على هذا محكمة. وقال الحسن:

المعنى: (لا تجهر بصلاتك)، أي لا ترائي بها في العلانية (ولا تخافت بها) أي لا تهملها وتتركها في السر «٣». ولكن هذا التأويل يبطله قوله عزّ وجلّ وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا إلّا أن يريد أن الإخلاص والمحافظة سبيل بين الرياء والتهاون، فتكون الآية على هذا محكمة.

الخامس: قوله عزّ وجلّ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا «٤».

قال السدي: هذا منسوخ بقوله عزّ وجلّ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا «٥».


هريرة قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء فنزلت ... » اه فتح الباري: ٨/ ٤٠٥.
(١) رواه البخاري في كتاب الدعوات باب الدعاء إذا علا عقبة ١١/ ١٨٧، بشرح ابن حجر، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء باب استحباب خفض الصوت بالذكر ... الخ ١٧/ ٢٥ بشرح النووي، كما رواه النحاس في الناسخ والمنسوخ ص ٢١٨ والبغوي في معالم التنزيل: ١/ ١٣٤.
(٢) البقرة (١٨٦) ... فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ .. الآية. وقد أخرج هذا ابن جرير الطبري عن الصلت بن حكيم عن أبيه عن جده جامع البيان: ٢/ ١٥٨، وزاد السيوطي نسبته إلى البغوي في مجمعه وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ وابن مردويه من طرق عن الصلت بن حكيم عن رجل من الأنصار عن أبيه عن جده. انظر الدر المنثور: ١/ ٤٦٩. وذكره ابن الأثير عن رزين، قال: ولم أجده في الأصول. انظر: جامع الأصول: ٢/ ٢٤.
(٣) أخرجه ابن جرير من طرق عن الحسن. جامع البيان: ١٥/ ١٨٧، وأخرجه ابن عساكر بنحوه عن الحسن كما في الدر المنثور: ٥/ ٣٥١ وذكره مكي والقرطبي عن الحسن كذلك. انظر: الإيضاح ص ٣٤٢، والجامع لأحكام القرآن: ١٠/ ٣٤٤.
قال مكي: فالمعنى على قوله: لا يجتمع منك الجهر بالصلاة في العلانية وترك فعلها في السر، ولا يجوز أن ينسخ هذا المعنى اه.
(٤) الإسراء (٣٤) ... وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا.
وكان حق هذا الموضع أن يتقدم على الموضع الثالث الذي سبق الحديث عنه حسب ترتيب الآيات.
(٥) آل عمران (٧٧). وسيذكر المصنف نص بقية الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>