للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإذا كانت مختلفة في التحريم والتحليل، فكيف يلزمنا تحريم شيء وتحليله في الحال الواحدة؟.

ولأن الشرائع مختلفة، فبأي شريعة يلزمنا العمل؟ إذ لا سبيل إلى العمل بالجميع «١» لاختلافها.

وأما قوله عزّ وجلّ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ «٢»، فإنما أراد الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وما لا يختلف «٣» فيه الأديان، إذ غير جائز أن يكون المراد: فبشرائعهم اقتد.

قال: فإن ادعى مدع أن أيوب- عليه السلام- بر بذلك من يمينه، وأنه إجماع من شرائع الأنبياء، فيلزمنا فعله، سئل عن الدليل، فلا يجد «٤» إليه سبيلا. وقال:

واختلف أصحاب مالك في مذهبه، فمنهم من قال: مذهبه العمل بشريعة من قبلنا، لأنه قد احتج بقوله عزّ وجلّ وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها .. «٥» الآية ومنهم من قال: ليس ذلك مذهبه، لأنه لم يخرج الحالف بمثل يمين أيوب- عليه السلام- بمثل ما برّ به في يمينه.

قال: والذي عليه أكثر أصحابه «٦» أن ما قصّ الله علينا من شرائع من كان قبلنا ولم ينسخه قرآن ولا سنّة، ولا افترض علينا ضده، فالعمل به واجب نحو قوله تعالى وَكَتَبْنا

عَلَيْهِمْ ....

قال: وقد اعترض على هذا القول بقصة أيوب- عليه السلام- في بره بضربة فيها مائة قضيب، ولا يقول به مالك، واعترض بقصة موسى- عليه السلام «٧» - في تزويج


(١) في د: الجميع.
(٢) الأنعام (٩٠) أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ .. الآية.
(٣) في ظق: تختلف. وهي أفصح.
(٤) في د وظ: فلا نجد.
(٥) المائدة (٤٥) وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ .. الآية هذا وقد سبق أن رجح السخاوي أن لنا شرعة تخالف شرعتهم ومنهاجا يخالف منهاجهم، وذلك أثناء حديثه عن قوله تعالى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ .. الآية ١٧٨ من سورة البقرة.
وسيزيد المصنف الأمر توضيحا قريبا، أي في حديثه عن هذه الآية.
(٦) في د وظ: أكثر الصحابة. وهو خطأ فاحش.
(٧) يريد ما قصه الله تعالى علينا في كتبه بقوله: قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ .. الآية ٢٧ من سورة القصص.

<<  <  ج: ص:  >  >>