[فزاره] قاضي الإسكندرية ابن حديدة وكان رفيع القدر عظيم الجاهس وسأله عن شكايته فأخبره فوجه [إلى] طبيب عارف كان قد وصل الإسكندرية فلبى دعوته وفرح بأن وجه القاضي [إليه] وقال له: حاجتي عندك أن تضع للفقيه ما يكون سبباً لبرئه قال: نعم، فصنع له معجوناً ووجه به إلى الفقيه.
فلما خرج ليوصله قال الفقيه لمن حضره من أهله: خذوا هذا الإناء، واغسلوا ما فيه من المعجون في مجرى الدار حتى يذهب ففعلوا ثم أصابت القاضي شكاية.
فلما كان في اليوم السابع أنشدنا الحافظ أبو بكر عند قبر القاضي قصيدة منها قوله يرثيه:
نسجت عليه العنكبوت ملاءة ... ما قد من زواره الخيطان
هذي قبورهم وتلك قصورهم ... واعلم بأن كما تدين تدان
ولقد أخبرني أنه رآه في اليوم الذي توفى فيه وعليه فروته التي ساقها معه من طرطوشة.
وكانت وفاته في سنة خمس وعشرين وخمسمائة. روى عنه جماعة من الحفاظ منهم: الحافظ أبو بكر بن العربي، وأبو علي الصدفي، وأبو الطاهر بن عوف وغيرهم.
وتواليفه كثيرة منها "التعليقة في الخلافيات" في خمسة أسفار. وله كتاب يعارض به كتاب "الأحياء" رأيت منه قطعة يسيرة.
وألف سراح الملوك في مجلس كان بينه وبين صاحب مصر يطول ذكره.
وكان أوحد زمانه علماً وورعاً وزهداً لم يتشبث بمن الدنيا بشيء، إلى أن توفى وصلى عليه ابن عوف، حدثني عنه أبو الطاهر بن عوف، وأبو الفضل عبد المجيل بن دليل