أبا محمد بن أبي زيد بالقيروان، وأبا بكر محمد بن عبد الله الأبهري بالعراق وغيرهما، ورجع إلى الأندلس وحدث. قال عبد الله بن الوليد: سمعت أبا محمد عبد الله بن أبي زيد يسأل أبا عمر أحمد بن محمد بن سعيد المالكي عند وصوله إلى القيروان من ديار المشرق وكان أبو عمر دخل بغداد في حياة أبي بكر محمد بن عبد الله بن عبد الله بن صالح الأبهري، فقال له يوماً: هل حضرت مجالس أهل الكلام؟ فقال: بلى حضرتهم مرتين ثم تركت مجالستهم ولم أعد إليها. فقال له أبو محمد: ولم؟ قال: أما أول مجلس حضرته فرأيت مجلساً قد جمع الفرق كلها المسلمين من أهل السنة والبدعة والكفار من المجوس والدهرية والزنادقة واليهود والنصارى وسائر أجناس الكفر، ولكل فرقة رئيس يتكلم على مذهبه ويجادل عنه فإذا جاء رئيس من أي فرقة كان قامت الجماعة إليه قياماً على أقدامهم حتى يجلس فيجلسون بجلوسه، فإذا غص المجلس بأهله ورأوا أنه لم يبق لهم أحد ينتظرونه. قال قائل من الكفار:[قد اجتمعتم للمناظرة] شاكرة فلا يحتج علينا [المسلمون] بكتابهم ولا بقول نبيهم فإنا لا نصدق ذلك ولا نقر به، وإنما نتناظر بحجج العقل وما يحتمله النظر والقياس فيقولون: نعم لك ذلك. قال أبو عمر: فلما سمعت ذلك لم أعد إلى ذلك المجلس، ثم قيل لي ثم مجلس آخر للكلام فذهبت إليه فوجدتهم على مثل سيرة أصحابهم سواء فقطعت مجالس أهل الكلام فلم أعد إليها. فقال أبو محمد بن أبي زيد: ورضي المسلمون بهذا من القول والفعل. قال أبو عمر: هذا الذي شاهدت منهم. فجعل أبو محمد يتعجب من ذلك وقال: ذهب العلماء وذهبت حرمة الإسلام وحقوقه، وكيف يبيح المسلمون المناظرة بين المسلمين وبين الكفار، وهذا لا يجوز أن يفعل لأهل البدع الذين هم مسلمون ويقرون بالإسلام وبمحمد عليه السلام، وإنما يدعى من كان على بدعة من منتحلي الكلام إلى الرجوع إلى السنة والجماعة فإن رجع قبل