منه، وإن أبى ضربت عنقه. وأما الكفار فإنما يدعون إلى الإسلام فإن قبلوا كف عنهم وإن أبوا وبذلوا الجزية في موضع يجوز قبولها كف عنهم وقبل منهم، وإما أن يناظروا على ألا يحتج عليهم بكتابنا ولا بنبينا فهذا لا يجوز، فإن لله وإنا إليه راجعون.
أخبرني غير واحد من أشياخي منهم القاضي أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد، والزاهد أبو محمد بن عبيد الله والأديب الحافظ أبو جعفر أحمد بن أحمد الأزدي وغيرهم عن أبي موهب عن أبي عمر بن عبد البر أنه قال" أجمع أهل الفقه والآثار في جمع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ ولا يعدون عند الجميع في طبقات العلماء وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه ويتفاضلون فيه في الاتفاق والميز والفهم. وقال أبو عمر في كتاب "بيان العلم" له أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري ولا تقبل له شهادة في الإسلام ويفجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها. قال: أبو عمر ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصاً في كتاب الله أو صح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو اجتمعت عليه الأمة وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظره فيه.
وقال أيضاً في كتاب "بيان العلم" قال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يوم ناظره حفص القرد قال لي: يا أبا موسى لا يلقى الله عز وجل العبد بكل ذنب ما خلا الشرك [ ... ] لا يفلح صاحب كلام أبداً ولا تكاد ترى أحداً أنظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل وقال: قال مالك: أرأيت إن جاءه من هو أجدل منه أيدع دينه كل يوم لدين جديد: وأنشد لمصعب بن عبد الله:
أأقعد بعد ما رجعت عظامي ... وكان الموت أقرب ما يليني