مفكراً حيناً ثم قال: بلى والله لقد تذكرت شياً صنعته لله وحده وذلك أني ختنت مولوداً ولد لي يوم أسبوعه على سنتنا، وكان ذلك في شهر صوم المسلمين فصنعت لختانه صنيعاً أنفقت عليه مالاً عظيماً، وأعددت طعاماً واسعاً كثيراً طيباً، [و] آذنني الطباع بالفراغ منه وقت المغرب، فخطر ببالي مكان بنات رجل من المسلمين يتامى، كن بقربي، وكان أبوهن من خيار المسلمين، مات عنهم وتركهن في مسغبة، فقلت: والله لا يأكل أحد من هذا الطعام شيئاً حتى أرسل منه إلى هؤلاء اليتامى الفقيرات فاخترت لهن من أطيبه، وأنظف خبزه وأرسلت به إليهن وكذلك أطعمت من حضرتي، فهذا والله شيء قصدت به وجه الله مخلصاً وقد علم مغزاي فيه.
قال متهلل الرجل صاحب الرؤيا وقال له: فرجت عني يا هذا، وأذهبت ما بنفسي، وهكذا عرفت الله ربي عز وجهه، فقال له اليهودي: وما السبب الذي وصلك؟ أصدقني عنه كما صدقتك، فقال: نعم، وخبره برؤيا أنه كان يحشر معه وما دخل على من همها وقوله ... الله ورسوله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعبادتي إياه ومجاورتي [ ... ](صلى الله عليه وآله وسلم)[ ... ] أحشر مع يهودي كافر بالملة الحنيفية.
قال: فلم يد يستكمل كلامه حتى تطلق وجه اليهودي للذي نزل عليه من الرحمة وقال: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبد الله ورسوله إلى جميع خلقه ونبيه الخاتم لأنبيائه، ولا أفرق بين أحد من رسله، وأخلع الأديان، وأتقلد دينه الحق، فخذ على الإسلام وأعلمني الدخول فيه رحمك الله.
قال: ففعل الرجل الصالح ذلك وصح الإسلام هذا الإسرائيلي وإخلاصه، وتخلى عن عمل السلطان، وانخلع من ماله ونبذ ما اكتسبه من سحته وصار مع هذا الصالح إلى مكة يعمله ويفقهه في الدين، فبقي معه مجاوراً إلى أن أتاه أجله بعد مديدة فمضى سعيداً فائزا ولله الحمد.