الدارقطني المذكورة في الحديث، فإنها مصرحة بالأجزاء فتعين تقديره- انتهى. وقال الحافظ: إن سلمنا تعذر الحمل على الحقيقة، فالحمل على أقرب المجازين إلى الحقيقة أولى من الحمل على أبعدهما، ونفي الإجزاء أقرب إلى نفي الحقيقة وهو السابق إلى الفهم، ولأنه يستلزم نفي الكمال من غير عكس، فيكون أولى ويؤيده رواية الإسماعيلي بلفظ:"لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب"، وأخرجه الدارقطني أيضاً بهذا اللفظ، وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً بهذا اللفظ أخرجه ابن خزيمة، وابن حبان وغيرهما. ولأحمد من طريق عبد الله بن سوادة القشيري، عن رجل، عن أبيه مرفوعاً: لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن. وقال ابن الهمام في فتح القدير. (ج١: ص١٢٠) : وفيه أي في تقدير: "كاملة" نظر؛ لأن متعلق المجرور الواقع خبراً استقرار عام، فالحاصل:"لا صلاة كائنة" وعدم الوجود شرعاً هو عدم الصحة هذا هو الأصل، بخلاف:"لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" الخ.: "لا صلاة للعبد الآبق" فإن قيام الدليل على الصحة أوجب كون المراد كوناً خاصاً أي كاملة، وعلى هذا فيكون من حذف الخبر لا من وقوع الجار والمجرور خبراً، فلذا عدل المصنف عنه إلى الظنية في الثبوت، وبه لا يثبت الركن؛ لأن لازمه نسخ الإطلاق بخبر الواحد، وهو يستلزم تقديم الظني على القاطع، وهو لا يحل، فيثبت به الوجوب، فيأثم بترك الفاتحة ولا تفسد– انتهى. وقال الشيخ الآلوسي في تفسيره روح المعاني. (ج٩: ص٢١٠) : ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" وهو ظاهر في المقصود. إذ التقدير:"لا صلاة صحيحة إلا بها" واعترض بجواز أن يكون التقدير: "لا صلاة كاملة" فإنه لما امتنع نفي مسمى الصلاة لثبوته دون الفاتحة لم يكن بد من صرفه إلى حكم من أحكامها، وليس الصرف إلى الصحة أولى من الصرف إلى الكمال. وأجيب بأنا لا نسلم امتناع دخول النفي على مسماها؛ لأن الفاتحة إذا كانت جزأ من ماهية الصلاة تنتفي الماهية عند عدم قراءتها فيصح دخوله على مسماها، وإنما يمتنع لو ثبت أنها ليست جزءاً منها، وهو أول المسئلة سلمناه لكن لا نسلم أن صرفه إلى الصحة ليس أولى من صرفه إلى الكمال، بل هو أولى؛ لأن الحمل على المجاز الأقرب عند تعذر الحمل على الحقيقة أولى بل واجب بالإجماع، ولا شك أن الموجود الذي لا يكون صحيحاً أقرب إلى المعدوم من الموجود الذي لا يكون كاملاً- انتهى. وقال الشيخ أبوالحسن السندي في حاشية النسائي. (ج٢: ص١٣٧) وابن ماجه. (ج١: ص٢٧٧) : ثم قد قرروا أن النفي لا يعقل إلا مع نسبته بين أمرين فيقتضي نفى الجنس أمراً مستنداً إلى الجنس ليستقل النفي مع نسبته، فإن كان ذلك الأمر مذكور في الكلام فذلك، وإلا يقدر من الأمور العامة كالكون والوجود، وأما الكمال فقد حقق الكمال ضعفه؛ لأنه مخالف لا يصار إليه إلا بدليل، والوجود في كلام الشارع يحمل على الوجود الشرعي دون الحسي، فمؤدي الحديث نفى الوجود الشرعي للصلاة التي لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فتعين نفى الصحة، وما قاله أصحابنا: أنه من أحاديث الآحاد وهو ظني لا يفيد العلم، وإنما يوجب الفعل فلا يلزم منه الافتراض، ففيه أنه يكفي في المطلوب أنه يوجب العمل بمدلوله لا بشيء آخر، ومدلوله عدم صحة صلاة لم يقرأ فيها