للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه. وفي رواية لمسلم: ((لمن لم يقرأ بأم القرآن فصاعداً)) .

ــ

ما لفظه: قلت هذا عموم لا يجوز تخصيصه إلا بدليل-انتهى. وقيل: أراد سفيان بذلك قوله: "فصاعدا" كأنه خص ما يفهم منه من قراءة ما زاد على الفاتحة بالفذ والمنفرد، ويؤيده الأحاديث التي فيها المنع للمأموم من قراءة غير الفاتحة. وأما الاستدلال على التخصيص بقوله تعالى: {إذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} [٧: ٢٠٤] وبقوله عليه السلام: وإذا قرئ فأنصتوا، وبما روي: "من كان له إمام فإن قراءته له قراءة" فسيأتي الجواب عنه. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وغيرهم. وأخرجه البيهقي في كتاب القراءة بلفظ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب خلف الإمام" قال: إسناده صحيح، والزيادة التي فيه صحيحة مشهورة من أوجه كثيرة. (وفي رواية لمسلم) والنسائي من طريق معمر عن الزهري. (لمن لم يقرأ بأم القرآن) سميت بها لكونها أصلاً ومنشأ له، إما لمبدئيتها له وإما لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله عزوجل والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده، أو على جملة معانيه من الحكم النظرية والأحكام العملية. (فصاعداً) من الصعود وهو الارتفاع من سفل إلى علو، والصاعد اسم فاعل منه، ومعنى الصاعد هنا الزائد، وهو منصوب على الحال بفعل واجب الإضمار، أي فصعد القراءة صاعداً، يقال: أخذته بدرهم فصاعداً، نصب صاعدا في قولهم هذا على الحال، وحذف صاحب الحال والعامل فيه تخفيفا لكثرة الاستعمال، والتقدير: أخذته بدرهم فذهب الثمن صاعداً، فالثمن صاحب للحال، والفعل الذي هو"ذهب" العامل في الحال. قال في الحاشية العصامية على الفوائد الضيائية قوله: ويجب حذف العامل، الخ. وكذا في حال تبين ازدياد ثمن أو غيره مما دخله الفاء أو ثم نحو: بعته بدرهم فصاعداً، وقرأت جزأ من القرآن فصاعداً، أي فذهب القراءة في الصعود يعنى ذهبت القراءة الزائدة، وبنحوه ذكر الرضي في شرح الكافية. (ص١٥٣) ، وسيبوية في الكتاب. (ج١: ص١٤٧) وهذا اللفظ لا يتغير سواء كان حالاً من مذكر أو مؤنث، وتقدير الكلام: لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن فقط أو بأم القرآن في حال كون قراءته زائدة على أم القرآن. والمراد أن أقل ما تجزئ به الصلاة وأدنى ما يترتب عليه الجواز الفاتحة فإن زاد فهو حسن. وقيل: صاعداً صفة وقعت مقام المصدر. كما تقول: قم قائماً، وقع قائماً موضع قياماً، وعلى هذا فصاعدا منصوب على أنه مفعول مطلق لفعل مقدر، أي اصعد صاعداً، أي إلى ما عدا أم القرآن، يعني اقرأ قراءة زائدة على الفاتحة لكن الأمر بقراءة ما زاد على الفاتحة ليس للوجوب لما سيأتي من الأحاديث الدالة على عدم وجوب ما زاد، والفاء في الصورة زائدة لكنها لازمة؛ لأنه لم ترد هذه الكلمة في لغة العرب إلا بالفاء أو بثم، وفي الصورة الأولى عاطفة، والعطف لا يقتضي التشريك من كل الوجوه فهو من عطف غير الواجب على الواجب، والمقصود حصر صحة الصلاة في الفاتحة سواء كان معها سورة أخرى أو لا. وقيل: تقدير الكلام فما كان صاعداً فهو أحسن وعلى هذا"صاعداً" خبر لكان المحذوف. قال بعض الحنفية: قوله: "فصاعداً" يدل على أن قراءة ما زاد على الفاتحة من السورة واجبة في الصلاة، وعند الجمهور ليس هذا الحكم إلا لمن كان إماماً أو يصلي وحده، لا على المأموم. فكذلك يحمل حكم قراءة الفاتحة عليهما لا على المأموم، ويؤيد ما روى أحمد وغيره عن أبي هريرة أن

<<  <  ج: ص:  >  >>