فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه. وفي رواية، قال:((إذا قال الإمام {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا: آمين.
ــ
اللائق فيتقدم تأمين المقتدي على تأمين الإمام إذا اعتمد على هذه الأمارة-انتهى. وقال شيخنا في أبكار المنن (ص١٧٠) : إذا أسر الإمام التأمين لا يعلم المأموم تأمينه، فكيف يوقع المأموم تأمينه مع تأمين الإمام؟ وكيف يتوافق تأمينهما معاً؟ وليس من اللازم حينئذٍ أن يقع تأمينه مع تأمينه، بل يمكن أن يقع معه أو قبله أو بعده، وأما إذا جهر الإمام بالتأمين فيعلم المأموم تأمينه، فحينئذٍ يوقع تأمينه مع تأمينه، فيوافق تأمينهما معاً قطعاً-انتهى. واستدل بقوله:"فأمنوا" على تأخير تأمين المأموم عن تأمين الإمام؛ لأنه رتب عليه بالفاء، لكن المراد عند الجمهور المقارنة لما سيأتي. والمعنى: أمنوا مقارنين له. وعلله إمام الحرمين بأن التأمين لقراءة الإمام لا لتأمينه، فلذلك لا يتأخر عنه. وظاهر سياق الأمر أن المأموم إنما يؤمن إذا أمن الإمام لا إذا ترك. ونص الشافعي في الأم على أن المأموم يؤمن، ولو تركه الإمام سهواً أو عمداً، وهذا هو الحق للرواية التالية. ثم إن هذا الأمر عند الجمهور للندب، وحكى ابن بزيزة عن بعض أهل العلم وجوبه على المأموم عملاً بظاهر الأمر، قال: وأوجبه الظاهرية على كل مصل، ثم في مطلق أمر المأموم بالتأمين أنه يؤمن ولو كان مشتغلاً بقراءة الفاتحة. (فإنه من وافق) المراد بالموافقة الموافقة في القول والزمان، يدل عليه الرواية الآتية:"من وافق قوله قول الملائكة" خلافاً لمن قال: المراد الموافقة في الإخلاص والخشوع، كابن حبان وغيره. (تأمينه تأمين الملائكة) قيل: المراد بالملائكة الحفظة، وقيل: الذين يتعاقبون منهم، إذا قلنا إنهم غير الحفظة. وقيل: من يشهد تلك الصلاة من الملائكة ممن في الأرض أو في السماء. وقيل: الأولى حمله على الأعم؛ لأن اللام للاستغراق فيقولها الحاضرون ومن فوقهم إلى الملأ الأعلى. (غفر له ما تقدم من ذنبه) ظاهره غفران جميع الذنوب الماضية، وهو محمول عند العلماء على الصغائر، وقيل: إن المكفر ليس التأمين الذي هو فعل المؤمن، بل وفاق الملائكة، وليس ذلك إلى صنعه، بل فضل من الله بمجرد وفاق، فيعم الكبائر والصغائر، لكن خص منها حقوق الناس. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً مالك وأحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وغيرهم. (وفي رواية) أي متفق عليها. (قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -. (إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين) استدل به المالكية على أن الإمام لا يؤمن؛ لأن القسمة تنافي الشركة، وفيه أن هذه الرواية لا تدل على أن الإمام لا يؤمن، بل هي ساكتة عنه نفياً وإثباتاً، والرواية المتقدمة نص في معناه، وزاد في رواية أحمد والنسائي وابن حبان: أن الإمام يقول آمين، وهو نص لا يحتمل التأويل. ثم إن ظاهر الرواية الأولى من الحديث أن المؤتم يوقع التأمين عند تأمين الإمام، وظاهر الرواية منه أنه يوقعه عند قول الإمام:{غير المغضوب عليهم ولا الضالين}[١: ٧] وجمع الجمهور بين الروايتين بأن المراد بقوله: "إذا أمن" أي أراد التأمين ليقع تأمين الإمام والمأموم