{والضحى} و {والليل إذا يغشى} و {سبح اسم ربك الأعلى}
ــ
إقرأ هذه السورة وأمثالها. وفي الحديث استحباب تخفيف الصلاة مراعاة لحال المأمومين، وفيه جواز خروج المأموم من الصلاة بعذر، وغير ذلك من الفوائد. واستدل بهذا الحديث للشافعي، وأحمد، وإسحاق على صحة إقتداء المفترض خلف المتنفل؛ لأن الظاهر منه أن معاذاً كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فريضة، إذ بعيد من فقاهة معاذ - وهو أفقه الصحابة - أن يدرك الفرض خلف أفضل الأئمة في مسجده الذي هو أفضل المساجد بعد المسجد الحرام فيتركه، ويضيع حظه منه، ويقنع من ذلك بالنفل. قال الخطابي: لا يجوز على معاذ مع فقهه أن يترك فضيلة الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فعل نفسه-انتهى. قلت: وقد جاء في الحديث رواية كأنها صريحة في كون معاذ كان ينوي بالأولى الفرض، وبالثانية النفل، ذكرها الدارقطني وغيره بلفظ: هي له تطوع ولهم فريضة. قال الحافظ: ويدل عليه ما رواه عبد الرزاق، والشافعي والطحاوي، والدارقطني وغيرهم من طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن جابر في حديث الباب زاد: هي له تطوع، ولهم فريضة. وهو حديث صحيح، وقد صرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه فيه، فانتفت تهمة تدليسه، فقول ابن الجوزي:"أنه لا يصح" مردود. وتعليل الطحاوي بأن ابن عيينة ساقه عن عمرو أتم من سياق ابن جريج ولم يذكر هذه الزيادة، ليس بقادح في صحته؛ لأن ابن جريج أسن وأجل من ابن عيينة، وأقدم أخذاً عن عمرو منه، ولو لم يكن كذلك فهي زيادة من ثقة حافظ، ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه، ولا أكثر عدداً، فلا معنى للتوقف في الحكم بصحتها. وأما رد الطحاوي لها باحتمال أن تكون مدرجة. (أى من قول ابن جريج أو من قول عمرو بن دينار) فجوابه: أن الأصل عدم الإدراج حتى يثبت التفصيل، فمهما كان مضموماً إلى الحديث فهو منه، ولا سيما إذا روى من وجهين، والأمر هنا كذلك، فإن الشافعي أخرجها من وجه آخر عن جابر متابعاً لعمرو بن دينار عنه. وقول الطحاوي:"هو ظن من جابر". (أى على تسليم كونها من قول جابر) مردود: لأن جابراً كان ممن يصلي مع معاذ، فهو محمول على أنه سمع ذلك منه، ولا يظن بجابر أنه يخير عن شخص بأمر غير مشاهد إلا بأن يكون ذلك الشخص أطلعه عليه. وأما قول الطحاوي: لا حجة فيها؛ لأنها لم تكن بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تقريره، فجوابه: أنهم لا يختلفون في أن رأي الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة، والواقع هنا كذلك، فإن الذين كان يصلي بهم معاذ كلهم صحابة، وفيهم ثلاثون عقبياً، وأربعون بدرياً، قاله ابن حزم، قال: ولا يحفظ عن غيرهم من الصحابة امتناع ذلك، بل قال معهم بالجواز عمر، وابن عمر، وأبوالدرداء، وأنس وغيرهم. وأما قول الطحاوي: لو سلمنا جميع ذلك لم يكن فيه حجة لاحتمال أن ذلك كان في الوقت الذي كانت الفريضة فيه تصلى مرتين، أي فيكون منسوخاً بما روى عن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تصلى فريضة في يوم مرتين. فجوابه: أنه يتضمن إثبات النسخ بالاحتمال وهو لا يسوغ. وأما حديث ابن عمر ففي الاستدلال به نظر، لاحتمال أن يكون النهي عن أن يصلوها مرتين على أنها فريضة في كل مرة، وبذلك جزم البيهقي جمعاً