في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. يتأول القرآن. متفق عليه.
٨٧٩- (٥) وعنها، ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح، قدوس، رب الملائكة
والروح)) .
ــ
وأنه واظب عليه - صلى الله عليه وسلم -، ولفظها: ما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة بعد أن نزلت عليه {إذا جاء نصر الله والفتح} إلا يقول فيها: سبحانك- الحديث. قيل: اختار النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة لهذا القول مع أنه لم يقيد بحال من الأحوال؛ لأن حالها أفضل من غيرها، فاختار أفضل الأحوال لأداء هذا الواجب، ليكون أكمل وأبلغ في الامتثال. قال الحافظ: وليس في الحديث أنه لم يكن يقول ذلك خارج الصلاة أيضاً، بل في بعض طرقه عند مسلم ما يشعر بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يواظب على ذلك داخل الصلاة وخارجها. (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك) تقدم الكلام فيه. (يتأول القرآن) أي يعمل بما أمر به فيه. وقد تبين من الرواية المذكورة أن المراد بالقرآن بعضه، وهو السورة المذكورة، والذكر المذكور، وقوله "يتأول" حال من فاعل "يقول" أي يكثر قول ذلك حال كونه متأولاً للقرآن، أي مبنياً ما هو المراد من قوله:{فسبح بحمد ربك واستغفره}[١١٠: ٣] آتياً بمقتضاه. وأصل الأول الرجوع والانصراف، والمآل ما يرجع إليه الأمر. وقال القرطبي، معناه: يمتثل ما آل إليه معنى القرآن في قوله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح}[١١٠: ١] الخ. والحديث يؤخذ منه إباحة الدعاء في الركوع، وإباحة التسبيح في السجود، ولا يعارضه قوله الآتي - صلى الله عليه وسلم -: "أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء"؛ لأنه لا مفهوم له، فلا يمتنع الدعاء في الركوع كما لا يمتنع التعظيم في السجود؛ لأن تعظيم الرب فيه لا ينافي الدعاء كما أن الدعاء في السجود لا ينافي التعظيم. قال ابن دقيق العيد: ويمكن أن يحمل حديث الباب على الجواز، وذلك على الأولوية، ويحتمل أن يكون أمر في السجود بتكثير الدعاء لإشارة قوله فاجتهدوا، والذي وقع في الركوع من قوله: اللهم اغفر لي، ليس كثيراً، فلا يعارض ما أمر به في السجود- انتهى. وأراد بنفي الكثرة عدم الزيادة على قوله: اللهم اغفر لي، في الركوع الواحد، فهو قليل بالنسبة إلى السجود المأمور فيه بالاجتهاد في الدعاء المشعر بتكثير الدعاء. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه.
٨٧٩- قوله:(سبوح قدوس) بضم أولهما وفتحهما، والضم أكثر استعمالاً وأفصح. قال ثعلب: كل اسم على "فعول" فهو مفتوح الأول إلا السبوح والقدوس، فإن الضم فيهما أكثر، وهما من صفات الله تعالى، والمراد المسبح والمقدس، فعول لمبالغة المفعول، فكأنه يقول مسبح مقدس. ومعنى "سبوح" المبرأ من النقائص والشريك، وكل ما لا يليق بالإلهية، و"قدوس" المطهر من كل ما لا يليق بالخالق، ولعل التكرير للتأكيد، أو أحدهما لتنزيه الذات، والآخر لتنزيه الصفات. وهما خبران مبتدءهما محذوف تقديره: ركوعي وسجودي لمن هو سبوح قدوس، أي منزه عن أوصاف المخلوقات، أو أنت سبوح أو هو سبوح. (رب الملائكة والروح) هو من عطف الخاص على العام؛ لأن