للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأوله وآخره، وعلانيته وسره)) . رواه مسلم.

٩٠٠- (٧) وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: ((فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الفراش، فالتمسته، فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: اللهم أني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك،

ــ

(وأوله وآخره) المقصود الإحاطة. (وعلانيته) بفتح العين وكسر النون وخفة الياء، مصدر "علن" أي ظاهره. (وسره) أي عند غيره تعالى، وإلا فهما سواء عنده تعالى، فإنه يعلم السر وأخفى. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أبوداود.

٩٠٠- قوله: (من الفراش) متعلق بفقدت، والمعنى: استيقظت فلم أجده على الفراش. (فالتمسته) وفي رواية للنسائي: فجعلت أطلبه بيدي. (فوقعت يدي) بالإفراد. (على بطن قدميه) بالتثنية، وفي صحيح مسلم "قدمه" بالإفراد، وفي رواية للنسائي، وفي الترمذي: على قدميه، وفي ابن ماجه "على بطن قدميه" كما في الكتاب. واستدل به على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، وأجاب من ذهب إلى كونه ناقضاً بأن الملموس لا يفسد وضوئه، وحمل من اختار انتقاض وضوء الملموس على أنه كان بين اللامس والملموس حائل فلا يضر، وظاهر الحديث يوافق من قال بعدم انتقاض الوضوء مطلقاً، وهو الراجح، وقد أسلفنا الكلام فيه مفصلاً. (وهو في المسجد) بفتح الجيم، أي في السجود، فهو مصدر ميمي، أو في الموضع الذي كان يصلي فيه في حجرته. وفي نسخة بكسر الجيم، وهو يحتمل مسجد البيت بمعنى معبده، والمسجد النبوي، قاله القاري. وفي رواية أبي داود: فلمست المسجد فإذا هو ساجد، وهذه الرواية تدل على أن المراد مسجد البيت أي الموضع الذي كان يصلي فيه في حجرته. (وهما) أي قدماه. (منصوبتان) أي قائمتان ثابتتان، وفيه أن السنة نصب القدمين في السجود. (أعوذ برضاك من سخطك) أي متوسلاً برضاك أن تسخط وتغضب. وقيل: أي من فعل يوجب سخطك على أو على أمتي. (وبمعافاتك) أي بعفوك، وأتى بالمغالبة للمبالغة أي بعفوك الكثير. (من عقوبتك) إذ هي أثر من آثار السخط، وإنما استعاذ بصفات الرحمة لسبقها وظهورها من صفات الغضب، (وأعوذ بك منك) ، أي بذاتك من آثار صفاتك. وقيل: أعوذ بصفات جمالك من صفات جلالك، فهذا إجمال بعد شيء من التفصيل، وتعوذ بتوسل جميع صفات الجمال عن صفات الجلال، وإلا فالتعوذ من الذات مع قطع النظر عن شيء من الصفات لا يظهر. وقيل: هذا من باب مشاهدة الحق والغيبة عن الخلق، وهذا محض المعرفة الذي لا يحيطه العباد. (لا أحصي ثناء عليك) قال الطيبي: الأصل في الإحصاء العد بالحصى، أي لا أطيق أن أثني عليك كما تستحقه، وقيل: أي لا أستطيع فرداً من ثناءك على شيء من نعمائك. وهذا بيان لكمال عجز البشر عن أداء حقوق الرب تعالى. وقال السيوطي: أي لا أطيقه، أي لا أنتهي إلى غايته، ولا أحيط بمعرفته، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة: فأحمده بمحامد لا أقدر عليها الآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>