للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٣٢- (٨) وعنه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم))

ــ

عن ابن قسيط عن أبي هريرة، لا ينبغي أن يقال: هو على شرط مسلم، وإنما هو حديث إسناده مقارب، وهو صالح أن يكون متابعاً لغيره، وعاضداً له - انتهى.

٩٣٢- قوله: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً) أي كالقبور في خلوها عن الصلاة والذكر والعبادة، بل اشغلوها بذلك. قيل: المراد منه كراهة الصلاة في المقابر، والمعنى: أعطوا البيوت حظها من الصلاة والعبادة. ولا تجعلوها كالمقابر حيث لا يعبد ولا يصلي فيها، فأحال على المقابر لكونها معهودة معروفة بهذه الصفة حساً وشرعاً. وقيل: المراد الحث على الصلاة والعبادة في البيت، فإن الموتى لا يصلون في بيوتهم، وكأنه قال: لا تكونوا كالموتى الذين لا يصلون في بيوتهم وهي القبور، أو لا تتركوا الصلاة في بيوتكم حتى تصيروا كالموتى، وتصير هي كالقبور، فشبه المكان الخالي عن العبادة بالقبر، والغافل عنها بالميت، ثم أطلق القبر على المقبرة، ولا يبعد أن يكون المراد منه المعنيين كليهما، أعني النهي عن العبادة في المقابر، والندب إلى العبادة في البيوت. (ولا تجعلوا قبري عيداً) العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد إما يعود السنة، أو يعود الأسبوع أو الشهر، ونحو ذلك. وقال ابن القيم: العيد ما يعتاد مجيئة وقصده من زمان ومكان، مأخوذ من المعاودة والاعتياد، فإذا كان اسماً للمكان فهو المكان الذي يقصد فيه الاجتماع والانتياب للعبادة عنده ولغير العبادة، كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر، جعلها الله تعالى عيداً للحنفاء ومثابة للناس، كما جعل أيام العيد منها عيداً، وكان للمشركين أعياد زمانية ومكانية، فلما جاء الله بالإسلام أبطلها، وعوض الحنفاء منها عيد الفطر وعيد النحر، كما عوضهم عن أعياد المشركين المكانية بكعبة ومنى ومزدلفة وسائر المشاعر-انتهى. قيل: المراد بالعيد ههنا أحد الأعياد. أي لا تجعلوا زيارة قبري عيداً، والمعنى: لا تجتمعوا للزيارة اجتماعكم للعيد، فإنه يوم لهو وسرور وزينة وحال الزيارة مخالفة لتلك الحالة. قال المناوي: معناه النهي عن الاجتماع لزيارته. اجتماعهم للعيد إما لدفع المشقة، أو كراهة أن يتجاوزا حد التعظيم. وقيل: العيد ما يعاد إليه، أي لا تجعلوا قبري عيداً تعودون إليه متى أردتم أن تصلوا علي، فظاهره النهي عن المعاودة، والمراد المنع عما يوجبه، وهو ظنهم بأن دعاء الغائب لا يصل إليه. ويؤيده قوله: (صلوا عليّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) أي لا تتكلفوا المعاودة إلىّ، فقد استغنيتم بالصلاة عليّ. قال المناوي: ويؤخذ منه أن اجتماع العامة في بعض أضرحة الأولياء في يوم أو شهر مخصوص من السنة، ويقولون هذا يوم مولد الشيخ، ويأكلون ويشربون، وربما يرقصون فيه، منهي عنه شرعاً، وعلى ولي الشرع ردعهم على ذلك، وإنكاره عليهم، وإبطاله. وقال الإمام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم": معنى الحديث: أي لا تعطلوا البيوت

<<  <  ج: ص:  >  >>