للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٩٥٠- (٥) وعن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: ((كنت أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده))

ــ

سيما في الدعوات المطلوب فيها جوامع الكلم. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.

٩٥٠- قوله: (عن عامر بن سعد) بن أبي وقاص الزهري القرشي، ثقة من أوساط التابعين، مات سنة أربع ومائة. (عن أبيه) سعد بن أبي وقاص تقدم ترجمته. (كنت أرى) بفتح الهمزة. (يسلم عن يمينه) قال الطيبي أي مجاوزاً نظره عن يمينه كما يسلم أحد على من في يمينه. (وعن يساره) فيه مشروعية أن يكون التسليم إلى جهة اليمين ثم إلى جهة اليسار. (حتى أرى بياض خده) قال الأبهري: أي وجنته الخالية عن الشعر، وكان مشرباً بالحمرة- انتهى. والمعنى حتى أرى بياض خده الأيمن في الأولى، والأيسر في الثانية، وفيه دليل على مبالغة في الالتفات إلى جهة اليمين، وإلى جهة اليسار. واعلم أن السلام للتحلل عن الصلاة فرض لا يقوم غيره مقامه، وبهذا قال مالك، والشافعي، وأحمد. وقال أبوحنيفة: لا يتعين السلام للخروج من الصلاة بل إذا خرج بما ينافي الصلاة من عمل، أو حدث؛ أو غير ذلك جاز. قال العيني: اختلف العلماء في هذا؛ فقال مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم: إذا انصرف المصلي بغير لفظ التسليم فصلاته باطلة؛ وذهب أبوحنيفة وأبويوسف ومحمد إلى أن التسليم ليس بفرض حتى لو تركه لم تبطل صلاته- انتهى. قلت: السلام عند الحنفية واجب يجب إعادة الصلاة بتركه كما صرح به بعض الحنفية، وهذا مبني على ما أصلوه من التفريق بين الواجب والفرض، قال في البدائع: أما الخروج عن الصلاة بلفظ السلام فواجب عندنا على ما هو القاعدة عند الحنفية أن خبر الواحد يعني قوله "تحليلها التسليم" يفيد الوجوب-انتهى. والحق ما ذهب إليه الجمهور من تعيين السلام للخروج عن الصلاة، وأنه لا يقوم غيره مقامه وأنه يبطل صلاة من تركه. والدليل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وتحليلها التسليم" فإن الإضافة تقتضي الحصر فكأنه قال: جميع تحليلها التسليم أي انحصر تحليلها في التسليم لا تحليل لها غيره. ولأنه أحد طرفي الصلاة فكان فيه نطقاً واجباً. ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم من صلاته، ويديم ذلك، ويواظب عليه ولا يخل به، وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي. ولأنه قد تواتر العمل عليه من لدن صاحب الشريعة - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا، وتلقاه الكافة عن الكافة طبقة عن طبقة، فهو ثابت متواتراً عملاً، وطبقة عن طبقة، وهذا كالقعدة الأخيرة عند الحنفية، فإنها فرض عندهم تبطل الصلاة بتركها، ولا دليل على فرضيتها إلا أخبار الآحاد أو تواتر العمل. وأما ما قيل: من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم السلام المسيء في صلاته، ولو وجب لأمره به؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. ففيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلمه كل الواجبات، بدليل أنه لم يعلمه التشهد والقعود وغيرهما، ويحتمل أنه اقتصر على تعليمه ما رآه أساء فيه. وأما ما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمساً

<<  <  ج: ص:  >  >>