للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن معاوية. وقال النووي في الخلاصة: اتفق الحفاظ على أنها مدرجة- انتهى. وقد رواه عن الحسن بن الحر حسين الجعفي، ومحمد بن عجلان. ومحمد بن أبان، فاتفقوا على ترك هذه الزيادة في آخر الحديث مع اتفاق كل من روى التشهد عن علقمة وغيره عن ابن مسعود على ذلك- انتهى كلام الشوكاني. وقد تأول القاضي أبوبكر بن العربي في شرح الترمذي (ج٢:ص١٩٩) حديث ابن مسعود هذا بأنه إنما يعني به "فقد قضيت صلاتك فاخرج منها كما دخلتها بإحرام"- انتهى. وهو تأويل حسن جيد ظاهر من السياق. وقال ابن حجر: معنى "قضيت" قاربت أو قضيت معظمها، وهذا على تقدير تسليم أنه من الحديث وقد عرفت مما قدمنا أن الحق هو كونه مدرجاً في آخر الحديث من كلام ابن مسعود، وقد عارضه ما صح عن ابن مسعود عند البيهقي، وابن حزم من إيجاب السلام فرضاً، والله أعلم. ثم إن حديث سعد هذا يدل على مشروعية التسليمتين على اليمين واليسار، واختلف فيه أيضاً فالتسليمتان معاً فرض في المشهور عن أحمد لكن صحح في المغني والشرح الكبير (ج١:ص٥٩٤) أن الفرض تسليمة واحدة، والثانية سنة. ونقل ابن المنذر والنووي إجماع العلماء على ذلك، وأما عند الحنفية فالأولى واجبة، والثانية سنة، وقيل: كلتاهما واجبتان عندهم على ما صرح به الشامي، وصاحب البرهان، والكبيري، وعليه يدل كلام صاحب البدائع. وأما عند الشافعي فالأولى فرض، والثانية مستحبة. قال في الأم (ج١: ص١٠٦) بعد رواية أحاديث التسليمتين ما نصه: وبهذه الأحاديث كلها نأخذ فنأمر كل مصل أن يسلم تسليمتين، إماماً كان أو مأموماً أو منفرداً، ونأمر المصلي خلف الإمام إذا لم يسلم الإمام تسليمتين أن يسلم هو تسليمتين ويقول في كل واحدة منهما: السلام عليكم ورحمة الله. (ثم قال) : وإن اقتصر رجل على تسليمة فلا إعادة عليه، وأقل ما يكفيه من تسليمه أن يقول: السلام عليكم، فإن نقص من هذا حرفاً عاد فسلم- انتهى. وأما عند مالك فغير المأموم وهو الإمام والمنفرد يسلم واحداً قبالة وجهه، ويتيامن قليلاً، والمأموم يسلم ثلاثاً أي عن يمينه أولا ثم يرد على إمامه، وإن كان على يساره أحد يرد عليه. وقد ظهر بهذا كله أن الاختلاف ههنا في شيئين: الأول في عدد الواجب، فالجمهور على أن الواجب واحد والثاني سنة، خلافاً للمشهور عن أحمد والحنفية في قول. والثاني في عدد السنة، فعند الجمهور المسنون تسليمتان لكل مصل إماماً كان أو مأموماً أو منفرداً. وقال أنس وعائشة وسلمة بن الأكوع من الصحابة والحسن، وابن سيرين، وعمر بن عبد العزيز من التابعين، والشافعي في قول: إن المشروع تسليمة واحدة لكل مصل. وقال مالك: يسلم غير المأموم سلاماً واحداً قبالة وجهه، والمأموم ثلاثاً إن كان على يساره أحد. واستدل على ذلك بما روى في موطئه عن ابن عمر من فعله أنه كان يسلم عن يمينه، ثم يرد على الإمام، فإن سلم عليه أحد عن يساره رد عليه أيضاً. وأخرجه أيضاً البيهقي في سننه، وهذا من متفردات ابن عمر، لم يوافقه عليه أحد من الصحابة. والحق أن المشروع تسليمتان فقط لكل مصل، والواحدة منهما ركن لا تجزئ الصلاة إلا بها، والتسليمة الثانية سنة يدل على ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>