٩٥١- (٦) وعن سمرة بن جندب، قال:((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه))
رواه البخاري.
ــ
الأحاديث الواردة في المسئلة، وفيه جمع الأخبار، وأقوال الصحابة في أن يكون المشروع والمسنون تسليمتين، والواجب واحدة، وقد دل على صحة هذا الإجماع الذي حكاه ابن المنذر والنووي فلا يعدل عنه. قال ابن العربي في العارضة: التسليمة الواحدة إن كان حديثها عن عائشة معلولة لكن نقلها بصفة الصلاة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متواتر فهي مقدمة على رواية الآحاد: فسلموا واحدة التحليل من الصلاة كما أحرمتم بتكبيره واحدة، وسلموا أخرى تردون بها على الإمام، والذي على يساركم، واحذروا عن تسليمة ثالثة، فإنها بدعة- انتهى. ويأتي بقية الكلام في شرح حديث عائشة في الفصل الثالث. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والنسائي وابن ماجه والبزار والدارقطني وابن حبان، وفي الباب أحاديث كثيرة فيها ذكر التسليمتين ذكرها الشوكاني في النيل (ج١:ص١٩٣) والحافظ في التلخيص (ص١٠٤) والزيلعي في نصب الراية، قال الأمير اليماني في السبل: حديث التسليمتين رواه خمسة عشر من الصحابة بأحاديث مختلفة، ففيها صحيح، وحسن، وضعيف، ومتروك.
٩٥١- قوله:(إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه) معناه إذا فرغ من الصلاة استقبل المأمومين لضرورة أنه لا يتحول عن القبلة قبل فراغ الصلاة والتسليم، وفي الباب عن زيد بن خالد الجهني، قال: صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف. (أي من صلاته) أقبل على الناس- الحديث. وعن أنس، قال: أخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة ذات ليلة إلى شطر الليل، ثم خرج علينا، فلما صلى أقبل علينا بوجهه- الحديث. أخرجهما البخاري. وعن يزيد بن الأسود، قال: حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، قال: فصلى بنا صلاة الصبح، ثم انحرف جالساً فاستقبل الناس بوجهه- الحديث. أخرجه أحمد. وفي هذه الأحاديث دليل على مشروعية استقبال المؤتمين بعد الفراغ من الصلاة، والمواظبة على ذلك لما يشعر به لفظ "كان". قيل: والحكمة في استقبال المؤتمين أن يعلمهم ما يحتاجون إليه، وعلى هذا يختص بمن كان في مثل حاله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاحية للتعليم والموعظة. وقيل: الحكمة فيه أن يعرف الداخل انقضاء الصلاة إذ لو استمر الأمام على حاله لأوهم أنه في التشهد مثلاً. وقال الزين بن المنير: استدبار الإمام المأمومين إنما هو لحق الإمامة، فإذا انقضت الصلاة زال السبب، فاستقبالهم حينئذٍ يرفع الخيلاء والترفع على المأمومين- انتهى. هذا وحديث البراء الآتي بعد حديثين يدل بظاهره على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل على من في جهة اليمين لا على المؤتمين جميعاً، وسيأتي وجه الجمع هناك. (رواه البخاري) في عشرة مواضع مطولاً ومقطعاً في الصلاة