٩٥٢- (٧) وعن أنس، قال:((كان النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه)) رواه مسلم.
٩٥٣- (٨) وعن عبد الله بن مسعود، قال:((لا يجعل أحدكم للشيطان شيئاً من صلاته، يرى أن
حقاً أن لا ينصرف إلا عن يمينه، لقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيراً ينصرف عن يساره))
ــ
والجنازة والبيوع والجهاد وبدء الخلق وصلاة الليل، والأدب، وأحاديث الأنبياء، والتفسير، والتعبير، وأخرجه أيضاً مسلم والترمذي والنسائي كلهم في الرؤيا.
٩٥٢- قوله:(كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن يمينه) وفي رواية لمسلم: أكثر ما رأيت رسول الله ينصرف عن يمينه. وكذا في رواية النسائي، وهذه الرواية تدل على أن أكثر انصرافه - صلى الله عليه وسلم - كان عن اليمين بخلاف الرواية التي ذكرها المصنف فإنها يمكن أن تحمل على أنه كان يفعل ذلك أحياناً. وسيأتي الكلام عليه في شرح حديث ابن مسعود التالي. (رواه مسلم) وأخرجه النسائي.
٩٥٣- قوله:(لا يجعل أحدكم للشيطان شيئاً من صلاته) هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: لا يجعلن أحدكم للشيطان من نفسه جزءا، وفي رواية أبي داود نصيبا. (يرى) بفتح أوله، أي يعتقد، ويجوز الضم، أي يظن، وهو استئناف كأن قائلاً يقول: كيف يجعل أحدنا حظاً للشيطان من صلاته؟ قال: يرى. (أن حقاً) أي واجباً. وفي رواية النسائي: أن حتماً. (عليه أن لا ينصرف) أي يعتقد أنه حق عليه أن لا ينصرف إذا فرغ من الصلاة. (إلا عن يمينه) أي جانب يمينه، فمن اعتقد ذلك فقد تابع الشيطان في اعتقاده حقية ما ليس بحق عليه، فذهب كمال صلاته. قال ابن المنير: فيه أن المندوبات قد تنقلب المكروهات إذا رفعت عن رتبتها؛ لأن التيامن مستحب في كل شيء، أي من أمور العبادة، لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقدوا وجوبه أشار إلى كراهته، قال الطيبي: في الحديث أن من أصر على أمر مندوب وجعله عزماً ولم يعمل بالرخصة فقد أصاب منه الشيطان من الإضلال فكيف من أصر على بدعة أو منكر؟ ذكره القاري. قال السندي: قوله "أن حقاً عليه أن لا ينصرف" أورد عليه أن حقاً نكرة، وقوله "أن لا ينصرف" بمنزلة المعرفة، وتنكير الاسم مع تعريف الخبر لا يجوز. وأجيب بأنه من باب القلب، أي يرى أن عدم الانصراف حق عليه. قلت: وهذا الجواب يهدم أساس القاعدة إذ يتأتى مثله في كل مبتدأ نكرة مع تعريف الخبر، فما بقي لقولهم بعدم الجواز فائدة، ثم القلب لا يقبل بلا نكتة، فلا بد لمن يجوز ذلك من بيان نكتة في القلب ههنا. وقيل: بل النكرة المخصصة كالمعرفة، قلت: ذلك في صحة الابتداء بها، ولا يلزم منه أن يكون الابتداء بها صحيحا مع تعريف الخبر، وقد صرحوا بامتناعه، ويمكن أن يجعل اسم "أن" قوله "أن لا ينصرف" وخبره الجار والمجرور وهو "عليه" ويجعل "حقاً" حالاً من ضمير "عليه" أن يرى أن عليه الانصراف عن يمينه حال كونه حقاً لازماً- انتهى كلام السندي. (لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيراً ينصرف عن يساره)