للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٩٥٤- (٩) وعن البراء، قال: ((كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحببنا أن نكون عن يمينه،

ــ

ولعل ذلك؛ لأن حاجته - صلى الله عليه وسلم - غالباً الذهاب إلى البيت، وبيته إلى اليسار، فلذلك كثر ذهابه إلى اليسار، ووقع في رواية مسلم: أكثر ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن شماله، فأما رواية البخاري فلا تعارض حديث أنس الذي ذكره المصنف عن مسلم كما لا يخفى على من له أدنى تأمل. وأما رواية مسلم التي ذكرناها الآن فهي معارضة في الظاهر لحديث أنس عند مسلم بلفظ: أكثر ما رأيت رسول الله ينصرف عن يمينه؛ لأنه عبر في كل منهما بصيغة أفعل. ووجه الجمع بينهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر هذا مدة وهذا مدة، فأخبر كل واحد بما اعتقد أنه الأكثر فيما يعلمه، فدل على جواز الأمرين، ولا كراهة في واحد منهما. وقد صح الأمران عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما تخطئة ابن مسعود فإنما هي لاعتقاد أحدهما واجباً بعينه، وهذا خطأ بلا ريب، واللائق أن ينصرف إلى جهة حاجته، سواء كانت عن يمينه أو عن شماله، كما روى ابن أبي شيبة عن علي أنه قال: إذا قضيت الصلاة وأنت تريد حاجة، فكانت حاجتك عن يمينك أو عن يسارك، فخذ نحو حاجتك- انتهى. فإن استوى الجهتان في الحاجة وعدمها فاليمين أفضل بلا وجوب لعموم الأحاديث المصرحة بفضل التيامن. ويمكن أن يجمع بينهما بوجه آخر، وهو أن يحمل حديث ابن مسعود على حالة الصلاة في المسجد؛ لأن حجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت من جهة يساره في حال أداء الصلاة، ويحمل حديث أنس على ما سوى ذلك كحال السفر، ثم إذا تعارض اعتقاد ابن مسعود وأنس رجح ابن مسعود لأنه أعلم، وأسن، وأجل، وأكثر ملازمة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأقرب إلى موقفه في الصلاة من أنس، وبأن في إسناد حديث أنس من تكلم فيه وهو السدي، وبأنه متفق عليه بخلاف حديث أنس الأمرين، وبأن رواية ابن مسعود توافق ظاهر الحال؛ لأن حجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت على جهة يساره، كذا في الفتح. والحديث رواه أبوداود، وزاد في آخره: قال عمارة. (يعني ابن عمير) : أتيت المدينة بعد، فرأيت منازل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن يساره، ورواه أحمد (ج١:ص٤٥٩) من طريق عبد الرحمن بن الأسود ابن يزيد النخعي، عن أبيه، قال: سمعت رجلاً يسأل عبد الله بن مسعود عن انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلاته: عن يمينه كان ينصرف أو عن يساره؟ قال: فقال عبد الله بن مسعود: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف حيث أراد، كان أكثر انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلاته على شقه الأيسر إلى حجرته. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد، وأبوداود، والنسائي، وابن ماجه.

٩٥٤- قوله: (أحببنا أن نكون عن يمينه) لكون يمين الصف أفضل، هذا هو الذي فهمه النسائي فقد ترجم على حديث البراء هذا "باب المكان الذي يستحب من الصف"، وكذا ابن ماجه حيث عقد عليه "باب فضل ميمنة الصف".

<<  <  ج: ص:  >  >>