للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصحح في جامع الأصول بلفظه كذا فوق لكني.

٩٨٦- (٢) وعن عبد الله بن مسعود، قال: ((كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي

ــ

(وصحح في جامع الأصول) لابن الأثير الجزري. (بلفظه كذا) أي بكتابة لفظه كذا. (فوق لكني) قال القاري: أي كذا في الرواية لفظ لكني مسطور، دفعاً لوهم أنه ليس في الحديث بمذكور، والحاصل أن لكني ثابت في الأصول، لكنه ساقط في المصابيح-انتهى. قلت: غرض المصنف من هذا الكلام أن لفظه لكني في قوله: لكني سكت، صحيحة رواية ومعنى، ثابتة في الأصول، لا ينبغي الشك في صحتها وثبوتها، ولفظه كذا علامة للتصحيح، فإنهم كما يكتبون لفظ صح على كلام صح رواية ومعنى، وهو عرضة للشك أو الخلاف، هكذا يكتبون لفظه كذا فوق اللفظ الذي هو محل الشك أو الخلاف ومظنة لعدم الصحة، ويعنون به أن هذا اللفظ صحيح ثابت في الأصول، فلفظه كذا تصحيح لمثل هذا اللفظ، كما أن قولهم "صح" علامة ورمز للتصحيح، وسبب كون لفظه لكني، في قوله: لكني سكت، عرضة للشك في صحته أن في ذكرها ههنا إشكالاً، كما لا يخفى، وأيضاً لم تقع هذه اللفظة في بعض روايات أحمد، ولفظها: فلما رأيتهم يصمتونني سكت حتى صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاني.

٩٨٦- قوله: (كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علينا) أي السلام بالقول واللفظ حين كان الكلام مباحاً في الصلاة. وفي رواية لأبي داود: كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا. (فلما رجعنا من عند النجاشي) بفتح النون وتكسر وتخفيف الجيم وبالشين المعجمة وتخفيف الياء وتشدد كياء النسب، في القاموس: النجاشي بتشديد الجيم، وتخفيفها أفصح وبكسر النون وقيل: هو أفصح، وقال الجزري: الياء مشددة، وقيل: الصواب تخفيفها، وأفاد ابن التين أنه بسكون الياء، يعني أنها أصلية لا ياء النسبة، وحكى غيره تشديد الياء أيضاً، وحكى ابن دحية كسر نونه، وهو لقب لملك الحبشة، كقيصر لملك الروم، وكسرى لملك فارس، وفرعون لملك مصر. واسمه أصحمة، أسلم في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومات سنة تسع من الهجرة عند الأكثر، وصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - هو وأصحابه بالمدينة اعلم أن جماعة من الصحابة كانت هاجرت من مكة إلى أرض الحبشة، حين كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فراراً بدينهم من الفتنة، ثم بلغهم أن المشركين أسلموا فرجعوا إلى مكة فوجدوا الأمر بخلاف ذلك، واشتد الأذى عليهم فخرجوا إليها أيضاً، فكانوا في المرة الثانية أضعاف الأولى، وكان ابن مسعود مع الفرقتين، ولما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وبلغهم مهاجرته إليها رجعوا من الحبشة إلى المدينة، حين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتجهز لغزوة بدر. واختلف في مراد قول ابن مسعود: فلما رجعنا هل أراد الرجوع الأول أي إلى مكة من الهجرة الأولى، أو الرجوع الثاني أي إلى المدينة من الهجرة الثانية، فمال إلى كل منها فرقة، والراجح أن ابن مسعود أراد رجوعه الثاني. وقد ورد

<<  <  ج: ص:  >  >>