للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيقل آمنت بالله ورسله)) ، متفق عليه.

٦٧- (٥) وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة. قالوا: وإياك يا رسول الله؟ وإياي، ولكن الله أعاني عليه فأسلم

ــ

(فليقل آمنت بالله ورسله) أي آمنت بالذي قال الله ورسله من وصفه تعالى بالتوحيد والقدم، وقوله سبحانه وإجماع الرسل هو الصدق والحق، فماذا بعد الحق إلا الضلال. (متفق عليه) أي اتفق الشيخان على أصل الحديث، فإن السياق المذكور هنا إنما هو سياق مسلم، وسياق الحديث عند البخاري قد ذكره المصنف قبل ذلك، فكان الأولى بعد ذكر حديث أبي هريرة الذي فيه الأمر بالاستعاذة وعزوه للشيخين أن يعزو حديثه الثاني لمسلم فقط كما لا يخفى، وأخرجه أيضاً أبوداود في السنة، والنسائي في اليوم والليلة، وفي الباب عن خزيمة بن ثابت وعائشة وعبد الله بن عمر، وذكر أحاديثهم الهيثمي في مجمع الزوائد.

٦٧-قوله: (ما منكم من أحد) ما نافية، ومن زائدة لاستغراق النفي لجميع الأفراد، ومن في "منكم" تبعيضية، أي ما أحد منكم (إلا وقد وكل) على بناء المجهول من التوكيل بمعنى التسليط (قرينه من الجن) أي صاحبه منهم ليأمره بالشر، واسمه الوسواس (وقرينه من الملائكة) أي ليأمره بالخير واسمه الملهم. وليس هذا في المصابيح، وكذا ليس في رواية جرير عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن ابن مسعود عند مسلم، ووقع في رواية سفيان عن منصور عن جرير عنده: وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة. فاختار صاحب المشكاة هذه الرواية الجامعة (قالوا: وإياك يا رسول الله؟) أي لك قرين من الجن؟ والقياس وأنت يا رسول الله بالضمير المرفوع المنفصل، وكذا في الجواب يعني. (قال: وإياي) أي ولي ذلك، والقياس أن يقول: وأنا، فأقام الضمير المنصوب مقام المرفوع المنفصل وهو سائغ شائع، ويحتمل أن يكون المعنى: وإياك نعني في هذا الخطاب. فقال: نعم وإياي؛ لأن الخطاب في منكم عام لا يخص المخاطبين من الصحابة، بل كل من يصح أن يخاطب به داخل فيه، كأنه قيل: ما منكم يا بني آدم من أحد. وهذا إن قلنا: إن المتكلم لا يدخل في عموم الخطاب. وقيل: عطف على محل الضمير المجرور المقدر، تقديره: قالوا: وقد وكل به وإياك. قال: وكل به وإياي، كذا في المرقاة (ولكن) بالتشديد ويخفف (أعانني عليه) أي بالعصمة أو بالخصوصية (فأسلم) برفع الميم على بناء المضارع من السلامة، وفتحها على بناء الماضي من الإسلام، وهما روايتان مشهورتان، فمن رفع قال معناه: أسلم أنا من شره وفتنته؛ لأن القرين من الجن إنما هو الشيطان، والشيطان هو المصر على العتو والتمرد والمطبوع على الكفر، فأنى يتصور منه الإسلام. ومن فتح قال: إن القرين أسلم وصار مؤمناً. واختلفوا في الأرجح منهما، فقال الخطابي: الصحيح

<<  <  ج: ص:  >  >>