الإمامة من باب الامانة، والفاسق خائن، ولأن مبنى الإمامة على الفضيلة، ولأن الناس لا يرغبون في الصلاة خلف الفاسق والمبتدع، فتؤدي إمامتهما إلى تنفير الجماعة وتقليلها، وذلك مكروه، ولقوله عليه السلام: اجعلوا أئمتكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم. أخرجه الدارقطني (ص١٩٧) والبيهقي (ج٣:ص٩٠) من حديث ابن عمر، قال البيهقي: إسناده ضعيف - انتهى. قلت: في سنده حسين بن نصر المؤدب. قال ابن القطان: لا يعرف. وفيه أيضاً سلام بن سليمان المدائني. قال الشوكاني: ضعيف، ولقوله عليه السلام: إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم-الحديث، أخرجه الحاكم من حديث مرثد الغنوي في كتاب الفضائل (ج٤:ص٢٢٢) وسكت عنه، وأخرجه أيضاً الطبراني والدارقطني (ص١٩٧) ، الا أن الطبراني قال: فليؤمكم علماؤكم. وفيه عبد الله بن موسى. قال الدارقطني: ضعيف. وفيه أيضاً القاسم بن أبي شيبة، وقد ضعفه ابن معين، ولما روى أبوداود وسكت عنه هو والمنذري عن السائب بن خلاد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجل أم قوما فبصق في القبلة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فرغ: لا يصلي لكم فأراد بعد ذلك أن يصلي بهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: نعم. قال الراوي: حسبت أنه قال له: إنك آذيت الله ورسوله، ولما روي عن علي رضي الله عنه مرفوعاً: لا يؤمنكم ذو جرأة في دينه. ذكره الشوكاني في النيل بلا سند. وقال العلامة القنوجي في دليل الطالب (ص٣٣٩) هو مرسل، ولقوله عليه السلام: لا يؤم فاجر مؤمناً إلا أن يقهره بسلطان يخاف سيفه أو سوطه. أخرجه ابن ماجه من حديث جابر في صلاة الجمعة. وفي سنده عبد الله بن محمد العدوي التميمي، وهو تألف. قال البخاري وأبوحاتم والدارقطني: منكر الحديث. وقال الدارقطني أيضاً: متروك. وقال وكيع: يضع الحديث. وقال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج بخبره. وقال ابن عبد البر: جماعة أهل العلم بالحديث يقولون: إن هذا الحديث من وضع عبد الله بن محمد العدوي، وهو عندهم موسوم بالكذب. كذا في تهذيب التهذيب (ج٦:ص٢١) هذا ولا يجوز للفاسق المبتدع التقدم للإمامة لما سبق من حديثي أبي أمامة وعبد الله بن عمرو بن العاص وما وافقهما من الأحاديث الدالة على تحريم إمامة الرجل وهو له كارهون. ولو تقدم الفاسق والمبتدع للإمامة وجب على القوم أن يمنعوهما عن الإمامة، وإن عجزوا عن المنع والعزل جازت الصلاة خلفهما مع الكراهة، أىجاز الاقتداء بهما للضرورة، وهي خوف الفتنة في منعهما وعزلهما عن الإمامة، وفي ترك الصلاة بالجماعة، وتصح الجماعة، ويكون المصلي محرزاً الثواب الجماعة. لكن لاينال مثل ما ينال خلف تقي، وبالجملة لا تفسد صلاة من صلى خلف الفاسق والمبتدع لعدم ما يدل على اشتراط عدالة الإمام في حق صحة صلاة المقتدي، وجواز الاقتداء، ولأن جواز الصلاة متعلق بأداء الأركان، وهما قادران عليهما، ولأن عدم قبول صلاتهما لا يستلزم عدم جواز الاقتداء بهما، ولا عدم