١٣٤٦- (٥) وعن ابن عباس، قال:((سافر النبي - صلى الله عليه وسلم - سفراً، فأقام تسعة عشر يوماً يصلي ركعتين
ركعتين، قال ابن عباس: فنحن نصلي فيما بيننا وبين مكة، تسعة عشر، ركعتين ركعتين،
ــ
١٣٤٦- قوله: (سافر النبي - صلى الله عليه وسلم - سفراً) أي في فتح مكة، ففي رواية للبخاري في المغازي: أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة تسعة عشر يوماً يصلي ركعتين. وذكره المجد بن تيمية في المنتقى بلفظ: لما فتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة أقام فيها تسع عشرة يصلي ركعتين. (فأقام) أي فلبث. (تسعة عشر) بتقديم الفوقية على السين. (يوماً) بليلته. (يصلي) أي حال كونه يصلي. (ركعتين ركعتين) أي يقصر الصلاة الرباعية؛ لأنه كان متردداً متى تهيأ له فراغ حاجته وهو انجلاء حرب هوازن ارتحل، وأعلم أنه اختلفت الروايات في إقامته - صلى الله عليه وسلم - بمكة عام الفتح، فروي تسعة عشر، كما ذكره المصنف. وروي عشرون، أخرجه عبد بن حميد في مسنده. وروي سبعة عشر بتقديم السين، أخرجه أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والبيهقي. وروي خمسة عشر، أخرجه أبوداود والنسائي كلها عن ابن عباس. وروي ثمانية عشر، كما في حديث عمران الآتي. قال البيهقي في السنن الكبرى (ج٣ ص١٥١) : وأصح هذه الروايات في ذلك عندي رواية من روى تسع عشرة أي بتقديم التاء، وهي الرواية التي أودعها للبخاري في الجامع الصحيح، وجمع أيضاً البيهقي بين روايات تسع عشرة وثمان عشرة وسبع عشرة بأن من رواها تسع عشرة عد يوم الدخول ويوم الخروج، ومن روى ثمان عشرة لم يعد أحد اليومين، ومن قال سبع عشرة لم يعدهما، قال الحافظ في التلخيص (ص١٢٩) : وهو جمع متين، وتبقى رواية خمسة عشر شاذة لمخالفتها، ورواية عشرين، وهي صحيحة الإسناد إلا أنها شاذة أيضاً، اللهم إلا أن يحمل على جبر الكسر، ورواية ثمانية عشر ليست بصحيحة من حيث الإسناد، أي لما في سنده علي زيد بن جدعان، وهو ضعيف، وسيأتي الكلام فيه، وقال في الفتح بعد ذكر الجمع المذكور: وأما رواية خمسة عشر فضعفها النووي في الخلاصة، وليس بجيد؛ لأن رواتها ثقات، ولم ينفرد بها ابن إسحاق، فقد أخرجها النسائي من رواية عراك بن مالك عن عبيد الله كذلك. وإذا ثبت أنها صحيحة فليحمل على أن الراوي ظن أن الأصل رواية سبع عشرة، فحذف منها يومي الدخول والخروج، فذكر أنها خمس عشرة. واقتضى ذلك أن رواية تسع عشرة أرجح الروايات. وبهذا أخذ إسحاق بن راهويه، ويرجحها أيضاً إنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة، وأخذ الثوري وأهل الكوفة برواية خمس عشرة، لكونها أقل ما ورد، فيحمل ما زاد على أنه وقع اتفاقاً- انتهى. (قال ابن عباس) استنباطاً من هذا الحديث. (فنحن نصلي فيما بيننا وبين مكة تسعة عشر) أي يوماً. ولفظ الترمذي: فنحن نصلي فيما بيننا وبين تسع عشرة. (ركعتين ركعتين) وفي رواية للبخاري: ونحن نقصر ما بيننا وبين تسع عشرة. وفي رواية للبيهقي (ج٣ ص١٥٠) : فنحن إذا سافرنا فأقمنا تسعة عشر صلينا ركعتين ركعتين، ولأبي يعلى: إذا سافرنا فأقمنا في موضع تسعة عشر.