للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

............................

ــ

القدير، والعيني في البناية: وللبخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر قالت: جهر النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف – انتهى. ويدل له أيضاً ما روى ابن خزيمة والطحاوي عن علي مرفوعاً وموقوفاً من الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف، قال الطحاوي بعد رواية الحديث عن علي موقوفاً: ولو لم يجهر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين صلى علي معه لما جهر علي أيضاً؛ لأنه علم أنه السنة فلم يترك الجهر، والله أعلم، ذكره العيني. وقد اختلفت الأئمة في ذلك، فقال بالجهر أبويوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهما من محدثي الشافعية وابن العربي من المالكية، وقال الطبري: يخير بن الجهر والإسرار، وقال الأئمة الثلاثة: يسر في الشمس ويجهر في القمر، كذا في الفتح، قلت: وحكى الترمذي عن مالك الجهر، وقال القاضي عياض والقرطبي: إن معن بن عيسى والواقدي رويا عن مالك الجهر، قيل: هي رواية شاذة، والمشهور عنه هو الإسرار، وقال ابن العربي في العارضة: اختلف قول مالك، فروى المصريون أنه يسر، وروى المدنيون أنه يجهر، والجهر عندي أولى – انتهى. واحتج للشافعي ومن وافقه بقول ابن عباس: قرأ نحواً من سورة البقرة، أخرجه الشيخان. قال الشافعي: لو جهر بالقراءة لم يحتج إلى تقديره. وذكر البيهقي عنه أنه قال: فيه دليل على أنه لم يسمع ما قرأ؛ لأنه لو سمعه لم يقدر بغيره، وقال القرطبي: هذا دليل لمن قال يخفي القراءة؛ لأنه لو جهر لعلم ما قرأ، وقال المنذري: هذا الحديث يدل على الإسرار. وتعقب باحتمال أن يكون بعيداً منه في صفوف الصبيان، لكن ذكر الشافعي تعليقاً عن ابن عباس أنه صلى بجنب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكسوف فلم يسمع منه حرفاً، ورواه الطبراني في معجمه موصولاً قال: ثنا علي بن المبارك، ثنا زيد بن المبارك، ثنا موسى بن عبد العزيز، ثنا الحكيم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، وأخرجه البيهقي أيضاً في المعرفة من طريق الحكم بن أبان، وقال: يدفع حمله على البعد رواية الحكم بن أبان: صليت إلى جنبه – انتهى. قلت: موسى بن عبد العزيز صدوق سيء الحفظ، والحكم بن أبان صدوق له أوهام، قاله الحافظ في التقريب. فرواية الطبراني لا تقاوم روايات الجهر الصحيحة الصريحة. واحتج له أيضاً بقول عائشة عند أبي داود: فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ سورة البقرة. قال الخطابي: هذا يدل على أنه لم يجهر بالقراءة فيها، ولو جهر لم تحتج فيها إلى الحزر والتخمين، وبحديث ابن عباس قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الكسوف فلم أسمع منه فيها حرفاً، أخرجه أحمد (ج١ ص٢٩٣، ٣٥٠) وأبويعلى وأبونعيم في الحلية، والطحاوي (ج١ ص١٩٧) ، والبيهقي (ج٣ ص٣٣٥) ، وفيه ابن لهيعة، وبحديث سمرة الآتي في الفصل الثاني، وبأنها صلاة نهار فلا يجهر فيها كصلاة الظهر، وأجيب عن هذا كله بأن روايات الجهر نصوص صريحة صحيحة، والأحاديث المذكورة ليست بنص في السر ونفي الجهر، فكيف تعارض روايات الجهر

<<  <  ج: ص:  >  >>