للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

١٤٩٨- (٥) وعن أبي موسى قال: خسفت الشمس، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فزعاً يخشى أن تكون الساعة،

ــ

رحمة الله وحلمه وغير ذلك ما أعلم لبكيتم على ما فاتكم من ذلك، وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم الزجر عن كثرة الضحك والحث على كثرة البكاء والاعتبار بآيات الله، وفيه الرد على من زعم أن للكواكب تأثيراً في الأرض لانتفاء ذلك عن الشمس والقمر فكيف بما دونهما. ومن حكمة وقوع الكسوف، تبيين أنموذج ما سيقع في القيامة، وصورة عقاب من لم يذنب فكيف بمن له ذنب، والتنبيه على سلوك طريق الخوف مع الرجاء لوقع الكسوف بالكوكب ثم كشف ذلك عنه؛ ليكون المؤمن من ربه على خوف ورجاء، والإشارة إلى تقبيح من يعبد الشمس أو القمر (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد (ج٦ ص١٦٤) ومالك والنسائي والبيهقي، وأخرجه أبوداود مختصراً على قوله: ((الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد – إلى قوله – وتصدقوا)) .

١٤٩٨- قوله (خسفت الشمس) بفتح الخاء والسين (فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فزعاً) بكسر الزاي صفة مشبهة أو بفتحها مصدر بمعنى الصفة أو مفعول مطلق لفعل مقدر (يخشى) بالبناء للفاعل في محل النصب على الحال (أن تكون) في موضع النصب مفعول يخشى (الساعة) بالرفع على أن تكون تامة أو على أنها ناقصة، والخبر محذوف أن أن تكون الساعة قد حضرت أو نصب على أنها ناقصة واسمها محذوف أي تكون هذه الآية الساعة أي علامة حضورها. قال ابن دقيق العيد: فيه إشارة إلى دوام المراقبة لفعل الله وتجريد الأسباب العادية عن تأثيرها لمسبباتها، وفيه جواز الإخبار بما يوجبه الظن من شاهد الحال؛ لأن سبب الفزع يخفى عن المشاهدة لصورة الفزع فيحتمل أن يكون الفزع لغير ما ذكر، فعلى هذا فيشكل هذا الحديث من حيث أن للساعة مقدمات كثيرة لم تكن وقعت كفتح البلاد واستخلاف الخلفاء وخروج الخوارج ثم الأشراط كطلوع الشمس من مغربها والدابة والدجال والدخان وغير ذلك. ويجاب عن هذا بأجوبة: منها أن غلبة الخشية والدهشة وفجاءة الأمور العظام تذهل الإنسان عما يعلم. ومنها احتمال أن يكون الأمور المعلومة وقوعها بينه وبين الساعة كانت مقيدة بشرط يعني أن حالة استحضار إمكان القدرة غلبت على استحضار ما تقدم من الشروط؛ لاحتمال أن تكون تلك الأشراط كانت مشروطة بشرط لم يتقدم ذكره، فيقع المخوف بغير أشراط لفقد الشرط، ومنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدر وقوع الممكن لولا ما أعمله الله تعالى بأنه لا يقع قبل الأشراط، وجعل ما سيقع كالواقع إظهاراً لتعظيم شأن الكسوف

<<  <  ج: ص:  >  >>