للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصف بهم، وكبر أربع تكبيرات.

ــ

وقال ابن قدامة: كان هذا بمحضر من الصحابة فلم ينكر فكان إجماعاً-انتهى. وأما دعوى الطحاوي والعيني ومن تبعهما أن الجواز كان أولاً ثم بحديث أبي هريرة، أو أنه كان لعذر وضرورة مثل المطر أو الاعتكاف فمردودة، وكل ما ذكروه لإثبات النسخ فمما لا طائل تحته. قال البيهقي: لو كان عند أبي هريرة نسخ حديث عائشة لذكره يوم صلى على أبي بكر الصديق في المسجد ويوم صلى على عمر بن الخطاب في المسجد، ولذكره من أنكر على عائشة أمرها بإدخاله المسجد، أو ذكره أبوهريرة حين روت فيه الخبر، وإنما أنكره من لم يكن له معرفة بالجواز، فلما روت فيه الخبر سكتوا ولم ينكروه ولا عارضوه بغيره-انتهى. والحق أنه يجوز الصلاة على الجنائز في المسجد من غير كراهة، والأفضل الصلاة عليها خارج المسجد؛ لأن أكثر صلاته - صلى الله عليه وسلم - على الجنائز كان في المصلى. ولبعض أفاضل بلدة بنارس من أهل الحديث رسالتان لطيفتان في هذه المسألة، قد بسط في الثانية القول في الجواب عن حديث أبي هريرة بما لا مزيد عليه. (فصف بهم) لازم، والباء بمعنى مع، أي صف معهم، أو متعد والباء زائدة للتوكيد أي صفهم، قاله الزرقاني. وفيه دليل على أن من سنة هذه الصلاة الصف كسائر الصلوات، ويتقدمهم إمامهم، ففي رواية من حديث جابر: فصفوا خلفه. وفي أخرى: فصفنا وراءه. وفي أخرى: فقمنا فصفنا صفين. وفي أخرى: قال جابر كنت في الصف الثاني. وفي كل هذا رد على من استحب أن يكون المصلون على الجنازة سطراً واحداً، نقله ابن العربي عن مالك. (وكبر أربع تكبيرات) فيه دليل على أن المشروع في تكبير الجنازة أربع، وسيأتي الكلام في ذلك. وفي هذه القصة دليل على مشروعية الصلاة على الميت الغائب في بلد آخر، وفيه أقوال: الأول تشرع مطلقاً، سواء كان الميت في جهة القبلة أو لم تكن، وسواء كان بين البلدين مسافة القصر أو لم تكن، وسواء كان بأرض لم يصل عليه فيها أو كان بأرض صلى عليه فيها، وبه قال الشافعي وأحمد وجمهور السلف حتى قال ابن حزم لم يأت عن أحد من الصحابة منعه. والثاني منعه مطلقاً وهو للحنفية والمالكية. والثالث يجوز في اليوم الذي مات فيه الميت أو ما قرب منه لا إذا طالت المدة، حكاه ابن عبد البر، والرابع يجوز ذلك إذا كان الميت في جهة القبلة، فلو كان بلد الميت مستدبر القبلة مثلاً لم يجز، قال به ابن حبان، وحجته حجة الذي قبله الجمود على قصة النجاشي. والخامس أنه يصلي على الغائب إذا كان بأرض لا يصلي عليه فيها كالنجاشي، فإنه مات بأرض لم يسلم أهلها واختاره ابن تيمية، ونقله الحافظ في الفتح عن الخطابي وإنه استحسنه الروياني من الشافعية. قال الحافظ: وهو محتمل إلا أنني لم أقف في شيء من الأخبار أنه لم يصل عليه في بلده أحد. وتعقبه الزرقاني بأن هذا مشترك الإلزام، فلم يرد في شيء من الأخبار

<<  <  ج: ص:  >  >>