متفق عليه. قال الخطابي: وفي قوله: هلا جلس في بيت أمه أو أبيه، فينظر أيهدي إليه أم لا؟ دليل على أمر يتذرع به إلى محظور، فهو محظور وكل دخل في العقود فينظر هل يكون حكمه عند الانفراد كحكمه عند الاقتران أم لا؟
ــ
وفيه إبطال كل طريق يتوصل بها من يأخذ المال محاباة المأخوذ منه والانفراد بالمأخوذ. وقال ابن المنير: يؤخذ من قوله هلا جلس في بيت أبيه وأمه جواز قبول الهدية ممن كان يهاديه قبل ذلك كذا قال: ولا يخفى أن محل ذلك إذا لم يزد على العادة. وفيه أن من رأى متأولا أخطأ في تأويل يضر من أخذ به أن يشهر القول للناس، ويبين خطأه ليحذر من الاغترار به. وفيه جواز توبيخ المخطيء واستعمال المفضول في الإمارة وللإمامة والأمانة مع وجود من هو أفضل منه- انتهى كلام الحافظ (متفق عليه) أخرجه البخاري في الزكاة والهبة والإيمان والنذور والحيل والأحكام، ومسلم في المغازي وأخرجه أيضا أحمد (ج٥ ص٥٢٣) وأبوداود في الخراج، وأبوعوانة والبيهقي وغيرهم. وفي الباب عن عائشة عند البزار، وعن ابن عباس عند الطبراني في الكبير ذكرهما الهيثمي في مجمع الزوائد (ج٣ ص٨٥- ٨٦) مع الكلام فيهما (قال الخطابي) صاحب معالم السنن (وفي قوله هلا جلس في بيت أمه أو أبيه) كذا في رواية أبي داود بتقديم الأم. قيل: هي رواية بالمعنى، والأصل ما وقع عند الآخرين بتقديم الأب وهو أيضاً مقتضي المقام، فإنه مشعر بزيادة الإكرام، فقوله في الحديث "أو بيت أمه" محمول على التنزل (فينظر أيهدي إليه أم لا) كذا في بعض نسخ أبي داود بلفظ: إليه مكان له, وهكذا وقع في بعض الروايات البخاري (دليل على أن كل أمر يتذرع) بالذال المعجمة على بناء المفعول من التذرع أي يتوسل (به إلى محظور فهو محظور) أي ممنوع ومحرم. ويدخل في ذلك القرض يجر المنفعة، والدار المرهونة يسكنها المرتهن بلا أجرة، وكراء والدابة المرهونة يركبها أو يرتفق بها من غير عوض، قاله القاري. وقال الشاه عبد العزيز الدهلوي في فتاواه: معنى قول الخطابي: أن المباح إذا جعله وسيلة إلى أمر محرم صار حراماً كقبول الهدية في قصة ابن اللتبية، فإنه في الأصل مباح، لكن لما جعل وسيلة إلى أخذ الزكاة بالمحاباة والمسامحة، وهو حرام صار حراماً، لأن للوسائل حكم المقاصد في الحرمة - انتهى. (وكل دخل) بفتحتين. هكذا وقع في بعض النسخ. وفي أكثرها دخيل على وزن كريم، وهكذا في معالم السنن "وكل" بالرفع. وقيل بالنصب أي كل عقد يدخل (في العقود) ويضم إلى بعضها كعقد البيع والبهة والإجارة والقرض والنكاح والرهن (ينظر) أي فيه (هل يكون حكمه عند الانفراد) أي قبل دخوله في ذلك العقد وانضمامه إليه (كحكمه عند الاقتران) والاجتماع والدخول (أم لا) فعلى الأول يصح وعلى الثاني لا يصح، كما إذا باع من أحد متاعاً يساوي عشرة بمائة ليقرضه ألفاً مثلا يدفع ربحه إلى ذلك الثمن، ومن رهن داراً بمبلغ كثير